وسلم ، ومحمد انسان تجمعت في انسانيته صفات روحية جعلته افضل مخلوق واشرف مخلوق وفوق كل مخلوق.
وعلي رديف محمد صلى الله عليه وآله وسلم. هذا للنبوة وهذا للامامة وهو غرسه قد اخذ عنه امثل الاخلاق واسمى الصفات فكان عنوانا كاملا لاسمي الصفات وامثل الاخلاق. والاسلام لم يعرف قط اصدق اسلاما ولا اشد ايمانا منه ولم ينفذ الاسلام الى اعماق قلب مسلم كما نفذ الى اعماق قلبه كان يؤثر الاخرة على الاولى ويعمل لارضاه الله ورسوله لا لارضاء الناس ولقد وصفه ضرار فأجاد الوصف فقال :
«كانن والله بعيد المدى شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطف الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة ، طويل الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ، ونحن مع تقريبه ايانا وقربه منا لانكاد نكلمه لهيبته ولا نبتدئه لعظمته بعظم اهل الدين ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله ، واشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله وغارت نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين يقول :
يا دنيا اليك عني غري غيري ، أبي تعرضت أم الي تشوقت؟ هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة لي عليك ، فعمرك قصير ، وخطرك حقير وخطبك يسير آه منن قلة الزاد وبعد السفر»