وما قيل : معناه : بسبب طغيانهم بالتكذيب وغيره ، على أنّها مصدر كالعافية ، لا يطابق قوله : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) أي : شديدة الصوت ، أو البرد من الصرّ ، كأنّها الّتي كرّر فيها البرد وكثر ، فهي تحرق لشدّة بردها (عاتِيَةٍ) شديدة العصف عتت على عاد ، فما قدروا على ردعها بحيلة ، من استتار ببناء ، أو لياذ بجبل ، أو اختفاء في حفرة ، فإنّها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم. أو كأنّها عتت على خزّانها ، فلم يستطيعوا ضبطها. أو على عاد ، فلم يقدروا على ردّها.
وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما أرسل الله سفينة من ريح إلّا بمكيال ، ولا قطرة من مطر إلّا بمكيال ، إلّا يوم عاد ويوم نوح ، فإنّ الماء يوم نوح طغا على الخزّان ، فلم يكن لهم عليه سبيل.
ثمّ قرأ (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) (١) الآية. وإنّ الريح يوم عاد عتت على الخزّان ، فلم يكن لهم عليها سبيل. ثمّ قرأ : (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ). ولعلّها عبارة عن الشدّة والإفراط فيها.
وكذا روي عن الزهري : أنّه ما يخرج من الريح شيء إلّا عليها خزّان يعلمون قدرها وعددها وكيلها ، حتّى كانت الّتي أرسلت على عاد فاندفق منها ، فهم لا يعلمون قدرها غضبا لله ، فلذلك سمّيت عاتية.
(سَخَّرَها عَلَيْهِمْ) سلّطها عليهم بقدرته. وهو استئناف أو صفة جيء به لنفي ما يتوهّم من أنّها كانت من اتّصالات فلكيّة ، إذ لو كانت لكان هو المقدّر لها والمسبّب. (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) متتابعات ، فإنّ هبوبات الرياح ما سكنت ساعة حتّى أتت عليهم وأهلكتهم جميعا. جمع حاسم ، كشهود وقعود. تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم ، في إعادة الكيّ على الداء كرّة بعد كرّة حتّى ينحسم. يقال : حسمت الدابّة إذا تابعت كيّها بعد كيّ. أو نحسات
__________________
(١) الحاقّة : ١١.