على حقائقها وصفاتها ، وما يوجب اختصاص كلّ واحد منها بما يخصّه من كمّ وكيف واعتبار ونسبة ، فإنّه لا يعرف الحكمة في أعداد السماوات والأرضين ، وأيّام السنة والشهور ، والبروج والكواكب ، وأعداد النصب والحدود والكفّارات والصلوات في الشريعة إلّا هو.
والمعنى : وما يعلم جنود ربّك لفرط كثرتها إلّا هو ، فلا يعزّ عليه تتميم الخزنة عشرين ، ولكن له في هذا العدد حكمة لا تعلمونها وهو يعلمها.
وقيل : هذا جواب لقول أبي جهل : أما لربّ محمّد أعوان إلّا تسعة عشر.
(وَما هِيَ) متّصل بوصف سقر. وهي ضميرها ، أو ضمير الآيات الّتي ذكرت فيها ، أو ضمير عدّة الزبانية أو السورة ، أي : وما سقر ، أو وما الآيات المذكورة ، أو وما عدّة الخزنة أو السورة. (إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) أي : تذكرة لهم.
(كَلَّا) ردع لمن أنكرها ، أو إنكار أن يتذكّر الكفّار بها (وَالْقَمَرِ) أقسم به لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ومسيره وزيادته ونقصانه (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) أي (١) : أدبر ، كـ : قبل بمعنى : أقبل. وقيل : هو من : دبر الليل النهار إذا خلفه.
وقرأ نافع ويعقوب وحمزة وحفص : إذ أدبر. (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) أضاء وأنار.
(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) لإحدى البلايا والدواهي الكبر. وإنّما جمع كبرى على كبر إلحاقا لفعلى بفعلة ، تنزيلا للألف منزلة التاء ، كما ألحقت قاصعاء بقاصعة فجمعت على قواصع ، كأنّها جمع فاعلة. ومعنى كونها إحداهنّ : أنّها من بينهنّ واحدة في العظم لا نظيرة لها ، كما تقول : هو أحد الرجال ، وهي إحدى النساء.
والجملة جواب القسم ، أو تعليل لـ «كلّا». والقسم معترض للتأكيد.
(نَذِيراً لِلْبَشَرِ) أي : لإحدى الكبر إنذارا لهم. ونصبه بالتمييز ، كما تقول : هي إحدى النساء عفافا. وقيل : هي حال عمّا دلّت عليه الجملة ، أي : كبرت منذرة.
__________________
(١) هذا التفسير على قراءة : دبر.