كقوله : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) (١).
(يَقُولُونَ) يقول منكروا البعث (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) في الحالة الأولى. يعنون الحياة بعد الموت. من قولهم : رجع فلان في حافرته ، أي : طريقه الّتي جاء فيها فحفرها ، أي : أثّر فيها بمشيه فيها. جعل أثر قدميه حفرا ، كما قيل : حفرت أسنانه حفرا ، إذا أثّر الأكال في أسناخها (٢). والخطّ المحفور في الصخر. أو على النسبة ، أي : منسوبة إلى الحفر ، كقوله : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٣). أو تشبيه القابل بالفاعل ، كقولهم : نهارك صائم ، أي : وقع فيها الحفر.
(أَإِذا) قرأ نافع وابن عامر والكسائي : إذا ، على الخبر (كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) بالية ، أي : البالي الأجوف جدّا بحيث إن تمرّ فيها الريح يسمع له نخير. وقرأ الحجازيّان والشامي وحفص وروح : نخرة (٤). وهي أبلغ. ونصب «إذا» بمحذوف تقديره : أإذا كنّا عظاما نردّ ونبعث.
(قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) منسوبة إلى الخسران ، أو خاسر أصحابها.
والمعنى : أنّها إن صحّت فنحن إذا خاسرون ، لتكذيبنا بها. وهو استهزاء منهم.
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) متعلّق بمحذوف ، أي : لا يستصعبوها ، فما هي ـ أي : النفخة الثانية ـ إلّا صيحة واحدة. يعني : لا تحسبوا تلك الكرّة صعبة على الله عزوجل ، فإنّها سهلة هيّنة في قدرته جدّا ، فتحدث في أسرع زمان.
(فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا في بطنها. والساهرة الأرض البيضاء المستوية. سمّيت بذلك لأنّ السراب يجري فيها.
__________________
(١) البقرة : ٢٢١.
(٢) أسناخ السنّ : منبتها وأصولها. والواحدة : سنخ.
(٣) القارعة : ٧.
(٤) والقراءة الاخرى : ناخرة.