من جنس الخبر عن سهوه في الصلاة ، فإنّه من أخبارالآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً ، ومن عمل عليه فعلى الظن يعتمد في ذلك دون اليقين ، وقد سلف قولنا في نظير ذلك بما يغني عن إعادته في هذا الباب ، مع انّه يتضمّن خلاف ما عليه عصابة الحقّ فإنّهم لا يختلفون في أنّ من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أي (١) وقت ذكرها من ليل أو نهار ، ما لم يكن الوقت مضيّقاً لصلاة فريضة حاضرة.
وإذا حرم [ على الإنسان ] (٢) أن يؤدّي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضاً قد فاته ، كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى.
هذا مع الراوية عن النبي صلّى الله عليه وآله إنّه قال : « لا صلاة لمن عليه صلاة » (٣) ، يريد أنّه لا نافلة لمن عليه فريضة.
__________________
أهل الأخبار.
ثالثها : انّ أبا هريرة يقول في هذا الحديث : ليأخذ كلّ رجل منكم برأس راحلته ، فانّ هذا منزل حضره الشيطان قال : ففعلنا. وقد علمت ممّا أسلفناه انّ الشيطان لا يدنو من النبي أبداً ، وعلم الناس كافة انّ أبا هريرة كان في تلك الأوقات لا يملك شبع بطنه ، فمن أين له الراحلة ليأخذ برأسها كما زعم إذ قال : ففعلنا ؟
رابعها : أنّه قال في هذا الحديث : ثم دعا بالماء فتوضّأ ، ثمّ سجد سجدتين ثم صلّىٰ صلاة الغداة ؛ أمّا صلاة الغداة فانّها قضاء عمّا فات ، لكن السجدتين لم نعرف لهما وجهاً ولا محلاً من الاعراب !
خامسها : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يومئذ في جيش مؤلف من ألف وستمائة رجل فيهم مائتا فارس. فالعادة تأبىٰ أن يناموا بأجمعهم فلا ينتبه أحد منهم أصلاً ، وعلىٰ فرض عدم انتباههم من أنفسهم فلابدّ بحكم العادة المألوفة أن ينتبهوا بصهيل مائتي فرس وضربها الأرض بحوافرها في طلب علفها عند حضور وقته من الصبح فما هذا السبات العميق الشامل لجميع من كان ثمة من انسان وحيوان ؟ ولعل هذا من خوارق أبي هريرة !! « انظر : أبو هريرة : ١٠٨ ـ ١١٤ ».
(١) كذا في النسخ ، وفي المصدر : في كلّ.
(٢) من المصدر.
(٣) نصب الراية ٢ : ١٦٦.