فصل
ولسنا ننكر ان يغلب النوم على الأنبياء عليهم السلام في أوقات الصلاة حتّى تخرج ، فيقضوها بعد ذلك ، وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص ، لانّه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ، ولأنّ النائم لا عيب عليه.
وليس كذلك السهو ، لأنّه نقص عن الكمال في الانسان ، وهو عيب يختصّ به من اعتراه ، وقد يكون من فعل الساهي تارة ، كما يكون من فعل غيره والنوم لا يكون إلاّ من فعل الله تعالى ، فليس من مقدور العباد على حال ، ولو كان مقدورهم لم يتعلّق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر ، وليس كذلك السهو ، لأنّه يمكن التحرز منه.
ولأنّا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ، ولا يمتنعون من إيداع ذلك من يغلبهم من النوم أحياناً ، كما لا يمتنعون من إيداعه من تعتريه الأمراض والأسقام.
ووجدنا الفقهاء [ يطرحون ] (١) ما يرويه ذوو السهو من الحديث إلاّ أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي اليقظة ، والفطنة ، والذكاء ، والحذاقة.
فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرناه.
ولو جاز أن يسهو النبيّ صلّى الله عليه وآله في صلاته وهو قدوة (٢) فيها حتى يسلّم قبل تمامها وينصرف عنها قبل اكمالها ، ويشهد الناس ذلك فيه
__________________
(١) من المصدر.
(٢) في د : قدرة.