أحدها : أنّه لم يثبت بناء من العقلاء على ترتيب آثار الامكان عند الشك فيه.
ثانيها : أنّه على تقدير تسليم ذلك نمنع ححية بنائهم شرعاً ، لعدم قيام دليل قطعي عليها. والظن بها لو كان موجوداً لايفيد ، إذ الكلام فعلاً في إمكان العمل بالظن ، فلا يمكن إثباته بنفس الظن.
ثالثها : أنّه على تقدير تسليم ذلك أيضاً ، لا فائدة في هذا البحث أصلاً ، إذ مع قيام الدليل على الوقوع لا نحتاج إلى البحث عن الامكان ، لأنّ الوقوع أخص من الامكان ، فثبوت الوقوع كافٍ في ثبوت الامكان أيضاً ، إذ المحال ليس بواقع بالضرورة ، ومع عدم الدليل على الوقوع لا فائدة في البحث عن الامكان ، إذ البحث اصولي لا بدّ فيه من ترتب ثمرة عليه ، وليس البحث بحثاً فلسفياً يبحث فيه عن الامكان والاستحالة بلا لحاظ ترتب ثمرة عليه ، انتهى ملخّصاً.
وزاد المحقق النائيني (١) قدسسره إشكالاً رابعاً ، وهو أنّ بناء العقلاء على الامكان ـ عند الشك فيه على تقدير التسليم ـ إنّما هو في الامكان التكويني دون الامكان التشريعي الذي هو محل الكلام.
هذا ، والانصاف تمامية ما ذكره الشيخ قدسسره ولا يرد عليه شيء من هذه الاشكالات ، وذلك لأنّ ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره مبني على أن يكون مراد الشيخ قدسسره هو البناء على الامكان مطلقاً ، ولكن الظاهر أنّ مراده هو البناء على الامكان عند قيام دليل (٢) معتبر على الوقوع ، كما إذا
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١٠٩ ، فوائد الاصول ٣ : ٨٨
(٢) نسأل سيّدنا الاستاذ (دام ظلّه) عن شأن هذا الدليل ونقول : إن كان ظنّياً فالكلام في إمكان العمل به ، وإن كان قطعياً فلم يبق مجال للبحث عن الامكان بعد وجود الدليل القطعي على الوقوع كما هو واضح. والانصاف أنّ مراد الشيخ (طاب ثراه) كما يظهر من مراجعة كلامه هو البناء على الامكان مع قطع النظر عن وجود الدليل على الوقوع. وحينئذ يرد عليه ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من الاشكالات الثلاثة المذكورة