فتحصّل : أنّه لا مانع من التعبد بالأمارة من ناحية الملاك.
وأمّا الاشكال عليه من ناحية التكليف وأ نّه موجب لاجتماع المثلين أو الضدّين ـ على ما تقدّم بيانه (١) ـ فتحقيق الحال في جوابه يحتاج إلى التكلم في مقامين :
المقام الأوّل : في البحث عمّا إذا كانت الأمارة مطابقةً للواقع ، ودفع توهم اجتماع المثلين.
المقام الثاني : في البحث عمّا إذا كانت مخالفةً له ، ودفع توهم اجتماع الضدّين.
أمّا الكلام في المقام الأوّل : فهو أنّه لا مجال لتوهم اجتماع المثلين على القول بالطريقية أصلاً ، إذ عليه لا يكون هناك إلاّحكم واحد ، إنّما التعدد في مجرد الانشاء لغرض الوصول إلى المكلف ، نظير ما إذا قال المولى لعبده : أكرم زيداً ، فلم يصل إليه أو لم يعرفه ، فأشار بيده إليه ، وقال : أكرم هذا الرجل ومن الواضح أنّ الحكم في مثل ذلك واحد ، إنّما التعدد في إبرازه وإنشائه.
والمقام من هذا القبيل ، فانّ الحكم واحد ينشئه المولى تارةً بعنوانه ، ويقول شرب الخمر حرام مثلاً ، واخرى بعنوان حجّية الأمارة ، ويقول : صدّق العادل مثلاً.
وأمّا على القول بالسببية فلا محالة يكون هناك حكمان ، إلاّ أنّه لا يلزم منه اجتماع المثلين ، بل يوجب التأكد ، إذ النسبة بينهما هي العموم من وجه ، باعتبار أنّ الأمارة قد تكون مخالفةً للواقع ، وقد يكون الحكم الواقعي متحققاً بلا قيام أمارة عليه ، وقد تكون الأمارة مطابقةً للواقع ، وهذا مورد الاجتماع ، ويكون الحكم فيه متأكداً ، كما هو الحال في سائر موارد اجتماع العنوانين ، كما إذا قال
__________________
(١) في ص ١٠٦