لم يكن في مرتبة الحكم الواقعي ، إلاّأنّ إطلاق الحكم الواقعي يشمل مرتبة الحكم الظاهري.
وإمّا أن يكون مقيداً بحال العلم ، فيلزم التصويب الباطل ، للاجماع والروايات (١) الدالة على كون الأحكام مشتركة بين العالم والجاهل. مثلاً إذا جعلت الاباحة حكماً للمائع المشكوك في كونه خمراً ، وكان هناك خمر شكّ في خمريته ، فإن كانت الحرمة الواقعية للخمر مطلقة بالنسبة إلى حال العلم بكونه خمراً والجهل به ، لزم اجتماع الضدّين ، إذ الخمر الواقعي المشكوك في كونه خمراً مباح بمقتضى الحكم الظاهري ، وحرام بمقتضى إطلاق الحكم الواقعي ، وإن كانت الحرمة مقيدةً بحال العلم ، لزم اختصاص الحكم الواقعي بالعالمين ، وهو التصويب الباطل.
ومنها : ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره في حاشيته على الرسائل وفي الكفاية (٢) ، وحاصل ما أفاده : أنّه إن قلنا بأنّ المجعول في باب الطرق والأمارات هو الحجية التي هي عبارة عن المنجّزية مع المطابقة ، والمعذّرية مع المخالفة ، ولا تستتبع حكماً تكليفياً ، فلا يلزم اجتماع حكمين أصلاً ، لا المثلين ولا الضدّين ، إذ ليس المجعول إلاّالحكم الواقعي فقط.
وإن قلنا بأنّ الحجية المجعولة للطرق والأمارات تستتبع حكماً تكليفياً ، أو أنّ المجعول حقيقةً هو الحكم التكليفي والحجية منتزعة منه ، فاجتماع الحكمين وإن كان يلزم ، إلاّ أنّه لا يلزم منه اجتماع المثلين أو الضدّين. ثمّ ذكر في وجه ذلك تعبيرات مختلفة : فذكر تارةً أنّ الحكم الواقعي شأني والحكم الظاهري فعلي ،
__________________
(١) مرّ ذكر المصدر في ص ١١٠
(٢) كفاية الاصول : ٢٧٧ و ٢٨٧ ، دُرر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٧٠ ـ ٧٣