تشخيص المرض وعلاجه ، ولم يثبت ردع شرعي عن ذلك. وأمّا اعتبار العدالة في الفقيه فانّما هو لدليل خاص.
وفيه أوّلاً : أنّ الرجوع إلى أهل الخبرة إنّما هو في الامور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي ، لا في الامور الحسّية التي لا دخل للنظر والرأي فيها. وتعيين معاني الألفاظ من قبيل الامور الحسّية ، لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات ، وليس له إعمال النظر والرأي فيها ، فيكون إخبار اللغوي عن معاني الألفاظ داخلاً في الشهادة المعتبرة فيها العدالة بل التعدد في مورد القضاء. وأمّا في غيره ففي اعتباره خلاف مذكور في محلّه (١).
وإن شئت قلت : ليس اللغوي من أهل الخبرة بالنسبة إلى تعيين ظواهر الألفاظ بالوضع أو بالقرينة العامّة ، بل هو من أهل الخبرة بالنسبة إلى موارد الاستعمال فقط.
وثانياً : أنّه على تقدير تسليم كون اللغوي من أهل الخبرة ، لا يصح الرجوع إلى كتب اللغة ، لأنّها لم توضع لبيان الموضوع له ، بل لبيان ما يستعمل فيه اللفظ حقيقة كان أو مجازاً ، وإلاّ لزم كون جميع الألفاظ المستعملة في اللغة العربية إلاّالنادر مشتركاً لفظياً ، لأنّ اللغويين يذكرون للفظ واحد معاني كثيرة ، وهو مقطوع البطلان ، وذكر معنىً من المعاني أوّلاً لا يدل على كونه هو المعنى الحقيقي ، وإلاّ كان عليه ذكر القرينة في الألفاظ المشتركة ، لتدل على أنّ المعنى الثاني أيضاً معنىً حقيقي لا مجازي.
الوجه الثاني : دعوى الاجماع على العمل بقول اللغوي ، فانّ العلماء في جميع الأعصار يراجعون كتب اللغة ، ويعملون بها في تعيين معاني الألفاظ.
__________________
(١) شرح العروة ٣ : ١٥٥