المبحث الثالث
في حجّية الاجماع المنقول بخبر الواحد
وكان الأنسب تأخير هذا البحث عن بحث حجّية خبر الواحد ، لترتبه على القول بحجية الخبر ، إذ لو قلنا بعدم حجّية الخبر لا تصل النوبة إلى البحث عن حجّية الاجماع المنقول. نعم ، بعد ثبوت حجّية الخبر يقع الكلام في شمول أدلّتها للاجماع المنقول وعدمه ، إلاّ أنّا تعرّضنا له هنا تبعاً للأصحاب ، والأمر فيه سهل.
ولا يخفى أنّ الإخبار عن الموضوعات الخارجية إذا كان في مقام الترافع فلا إشكال في اعتبار التعدد والعدالة في حجّيته ، وأمّا في غير مورد الترافع فيعتبر فيه العدالة ، وكذلك التعدد على المشهور ، وهو أي الإخبار عن الموضوعات خارج عن محل كلامنا فعلاً ، فانّ الكلام في حجّية الأخبار المتعلقة بالأحكام الشرعية من حيث شمول دليل حجّيتها للاجماع المنقول بخبر الواحد وعدمه.
وأحسن ما قيل في المقام ما ذكره شيخنا الأنصاري قدسسره (١) وحاصل ما أفاده ـ بزيادة منّا ـ أنّ الإخبار عن الشيء تارةً : يكون إخباراً عن حس ومشاهدة ، ولا إشكال في حجّية هذا القسم من الإخبار ببناء العقلاء ، فانّ احتمال تعمد المخبر بالكذب مدفوع بعدالته أو وثاقته ، واحتمال غفلته مدفوع بأصالة عدم الغفلة التي استقرّ عليها بناء العقلاء.
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١٣٥