(قدسسره) ، إذ قد عرفت استناد الأوّل في دعوى الاجماع إلى قاعدة اللطف لا إلى الحس من المعصوم عليهالسلام ولو بالواسطة ، واستناد الثاني إلى أصل أو قاعدة كان تطبيقهما بنظره ، فلو لم ندّع القطع بعدم استنادهما إلى الحس من المعصوم عليهالسلام ولو بالواسطة ، لا أقل من عدم الاعتناء باحتمال الاستناد إلى الحس.
ثانيهما : أنّه لو كان الأمر كذلك كان المتعين هو النقل عن المعصوم عليهالسلام كبقيّة الروايات ، لا نقل الاجماع ، فانّ نقل الاجماع ـ باعتبار كونه كاشفاً عن قول المعصوم عليهالسلام مع كون نفس قول المعصوم محسوساً له ولو بالواسطة ـ يكون شبيهاً بالأكل من القفاء.
وثانياً : أنّه على تقدير تسليم ذلك وأنّ إجماع القدماء مستند إلى الحس بالواسطة ، فيكون الاجماع المنقول منهم بمنزلة رواية مرسلة ولا يصح الاعتماد عليه ، لعدم المعرفة بالواسطة بينهم وبين المعصوم عليهالسلام ، وعدم ثبوت وثاقتها. فتحصّل ممّا ذكرناه في المقام أنّه لا ملازمة بين حجّية خبر الواحد وحجّية الاجماع المنقول بوجه.
بقي الكلام في مدرك حجّية الاجماع المحصّل الذي هو أحد الأدلة الأربعة ، فقد يقال : إنّ مدرك حجّية الاجماع هو الملازمة العقلية بين الاجماع وقول المعصوم عليهالسلام ، وتقريبها بوجهين :
الوجه الأوّل : ما استند إليه الشيخ الطوسي (١) قدسسره من قاعدة اللطف ، وهي أنّه يجب على المولى (سبحانه وتعالى) اللطف بعباده بارشادهم إلى ما يقرّبهم إليه تعالى من مناهج السعادة والصلاح ، وتحذيرهم عمّا يبعّدهم
__________________
(١) عدّة الاصول ٢ : ٧٧ ، ٨٢