الحاكي عن شيء من علل تحققه خارجاً ، ولا يكون هذا مراد الشيخ قدسسره قطعاً ، وإن كان المراد هو الثبوت الواقعي الذهني بمعنى حصول العلم بها ، فهو أيضاً معلوم الانتفاء ، إذ خبر الواحد لا يفيد العلم ، ولا يكون هذا أيضاً مراد الشيخ قدسسره ، وإن كان المراد هو الثبوت التعبدي بمعنى تنزيل الخبر الحاكي للسنة منزلتها في وجوب العمل بها ، فالبحث عنه بحث عن عوارض الخبر لا السنّة ، كما هو ظاهر.
ثمّ إنّ بعض مشايخنا المحققين قدسسرهم وجّه كلام كلام الشيخ قدسسره بما حاصله : أنّ كل تنزيل يستدعي اموراً ثلاثة : المنزّل ، والمنزّل عليه ، ووجه التنزيل. والمنزّل في المقام هو الخبر ، والمنزّل عليه هي السنّة ، ووجه التنزيل وجوب العمل به ، فكما يمكن أن يجعل هذا البحث من عوارض الخبر ، بأن يقال يبحث في هذا المبحث عن كون الخبر منزّلاً منزلة السنّة أم لا ، كذلك يمكن أن يجعل من عوارض السنّة ، بأن يقال يبحث عن كون السنّة منزّلاً عليها الخبر وعدمه (١).
وفيه أوّلاً : ما تقدّم في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري من أنّه لا تنزيل في باب الحجج ، إنّما المجعول هو الطريقية بتتميم الكشف (٢) ، وليس ذلك إلاّمن عوارض الخبر.
وثانياً : أنّه على تقدير تسليم التنزيل المذكور كان متعلق غرض الاصولي ـ وهو التمسك بالخبر في مقام استنباط الحكم الشرعي ـ هي الجهة الاولى ، وهي البحث عن كون الخبر منزّلاً منزلة السنّة أم لا ، لا الجهة الثانية ، إذ لا يترتب عليها غرض الاصولي.
__________________
(١) نهاية الدراية ٣ : ٢٠٠
(٢) تقدّم في ص ١٢٠ ـ ١٢١