فالتحقيق في الجواب عن هذا الاشكال هو ما أشرنا إليه من أنّه لا ملزم لحصر موضوع علم الاصول في الأدلة الأربعة ، وأنّ الموضوع ـ على القول بلزومه في كل علم ـ هو الكلّي المنطبق على موضوعات المسائل ، وأمّا على القول بعدم لزومه كما هو الصحيح فالاشكال مندفع من أصله.
إذا عرفت ذلك فنقول : وقع الخلاف بين الأعلام في حجّية خبر الواحد ، فذهب جماعة من قدماء الأصحاب إلى عدم حجّيته ، بل ألحقه بعضهم بالقياس في أنّ عدم حجّيته من ضروري المذهب ، وذهب المشهور إلى كونه حجّة.
واستدلّ المنكرون بوجوه :
الوجه الأوّل : دعوى الاجماع على عدم حجّية الخبر.
وفيه أوّلاً : عدم حجّية الاجماع المنقول في نفسه.
وثانياً : أنّ الاجماع المنقول من أفراد خبر الواحد ، بل من أخس أفراده باعتبار كونه إخباراً حدسياً عن قول المعصوم عليهالسلام ، بخلاف خبر الواحد المصطلح ، فانّه إخبار حسّي ، فمن عدم حجّية الخبر يثبت عدم حجّية الاجماع المنقول بالأولوية ، فكيف يمكن نفي حجّية خبر الواحد بالاجماع المنقول.
وثالثاً : أنّ دعوى الاجماع على عدم حجّية الخبر مع ذهاب المشهور من القدماء والمتأخرين إلى حجّيته معلومة الكذب. ولعلّ المراد من خبر الواحد في كلام من يدّعي الاجماع على عدم حجّيته هو الخبر الضعيف غير الموثق.
وذكر المحقق النائيني قدسسره (١) أنّ في خبر الواحد اصطلاحين : أحدهما : ما يقابل الخبر المتواتر والمحفوف بالقرينة القطعية. ثانيهما : الخبر الضعيف في مقابل الموثق ، وبهذا يجمع بين القولين باعتبار أنّ مراد المنكر لحجّية خبر الواحد هو
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١٨٠