الصحيح ، وقد تقدّم الكلام فيه في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري (١). وأمّا بناءً على أنّ المجعول هو الحكم الظاهري مطابقاً لمؤدى الأمارة ، وأنّ الشارع لم يعتبر الأمارة علماً ، فتكون أدلة حجّية خبر الثقة مخصصة للآيات الناهية عن العمل بغير العلم ، فانّ النسبة بينها وبين الآيات هي العموم المطلق ، إذ مفاد الآيات عدم حجّية غير العلم من خبر الثقة وغيره في اصول الدين وفروعه ، فتكون أدلة حجّية خبر الثقة أخص منها ، وبالجملة أدلة حجّية خبر الثقة متقدمة على الآيات الشريفة إمّا بالحكومة أو بالتخصيص.
واستدلّ القائلون بحجّية الخبر أيضاً بامور :
الأوّل : آية النبأ وهي قوله تعالى : «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ» (٢) وتقريب الاستدلال بها من وجوه :
الوجه الأوّل : الاستدلال بمفهوم الوصف باعتبار أنّه تعالى أوجب التبين عن خبر الفاسق ، ومن الواضح أنّ التبين ليس واجباً نفسياً ، بل هو شرط لجواز العمل به ، إذ التبين عنه بلا تعلّقه بعمل من الأعمال ليس بواجب يقيناً ، بل لعلّه حرام ، فانّ التفحص عن كونه صادقاً أو كاذباً يكون من باب التفحص عن عيوب الناس ، ويدل على كون الوجوب شرطياً ـ مع وضوحه في نفسه ـ التعليل المذكور في ذيل الآية الشريفة ، وهو قوله تعالى : «أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ» فيكون مفاد الآية الشريفة أنّ العمل بخبر الفاسق يعتبر فيه التبين عنه ، فيجب التبين عنه في مقام العمل به ، ويكون المفهوم بمقتضى التعليق على
__________________
(١) في ص ١٢٠
(٢) الحجرات ٤٩ : ٦