كون التقييد ضرورياً بل يدور الأمر بين التقييد والاطلاق ، وقد ذكرنا مراراً أنّ الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الأخذ بها (١) فالقول بحجّية خبر العادل وإن كان يستلزم تقييد الخبر بالفاسق إلاّأنّ القول بعدم حجّيته لا يستلزم التقييد بالأعم منه ومن العادل بل يكفي فيه الاطلاق بمعنى إلغاء الخصوصيات لا الأخذ بجميع الخصوصيات. فإذن لا يكون التقييد ضرورياً حتّى لا يكون مشعراً بالعلّية.
الايراد الثالث : أنّا نقطع من الخارج بعدم دخل الفسق في وجوب التبين ، وإلاّ لزم القول بحجّية خبر غير الفاسق ولو لم يكن عادلاً ، كمن لم يرتكب المعصية في أوّل بلوغه ، ولم تحصل له ملكة العدالة بعد. وكذا الحال في الصغير والمجنون ، فانّه لو قلنا بمفهوم الوصف في الآية الشريفة والتزمنا بحجّية خبر غير الفاسق لزم القول بحجّية خبر الصغير والمجنون أيضاً.
وفيه : مضافاً إلى أنّا لا نقول بالواسطة بين العادل والفاسق ـ على ما حقق في محلّه (٢) ، فلا يكون غير الفاسق إلاّالعادل ـ أنّ رفع اليد عن إطلاق المفهوم لأدلة خاصّة دلّت على اعتبار العدالة في حجّية الخبر لا يقدح في حجّية المفهوم وكم تقييد لاطلاقات المفهوم في أبواب الفقه لأدلة خاصّة ، فعدم حجّية خبر الواسطة بين العادل والفاسق على تقدير إمكانها إنّما هو لأدلة خارجية مقيّدة لاطلاق المفهوم ، وكذا خبر الصبي والمجنون خارج عن إطلاق المفهوم لأدلة خاصّة تدل على اعتبار الكبر والعقل ، هذا مضافاً إلى إمكان القول بأ نّه لا إطلاق للمفهوم بالنسبة إليهما ، باعتبار أنّ الآية الشريفة رادعة عن العمل بغير
__________________
(١) راجع محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٥١٢
(٢) راجع شرح العروة ١ : ٢١٣ ـ ٢١٤