التبين متوقف على مجيئه بالنبأ عقلاً ، فتكون القضيّة مسوقةً لبيان الموضوع ، إذ مع عدم مجيئه بالنبأ كان التبين منتفياً بانتفاء موضوعه ، فلا مفهوم للقضيّة الشرطية في الآية المباركة. هذه هي محتملات الآية الشريفة بحسب التصور ومقام الثبوت.
والظاهر منها في مقام الاثبات بحسب الفهم العرفي هو المعنى الثالث ، فانّه لا فرق بين الآية الشريفة وبين قولنا : إن أعطاك زيد درهماً فتصدق به من حيث المفهوم. والظاهر من هذا الكلام ـ بحسب متفاهم العرف ـ وجوب التصدق بالدرهم على تقدير إعطاء زيد إيّاه. وامّا على تقدير عدم إعطاء زيد درهماً ، فالتصدق به منتف بانتفاء موضوعه ، وذلك لأنّ الموضوع بحسب فهم العرف هو زيد ، وله حالتان فانّه قد يعطي درهماً وقد لا يعطيه ، وقد علّق وجوب التصدق بالدرهم على إعطائه إيّاه ، وهو متوقف عليه عقلاً ، إذ على تقدير عدم إعطاء زيد درهماً يكون التصدق به منتفياً بانتفاء موضوعه ، فالقضيّة مسوقة لبيان الموضوع ، ولا دلالة لها على المفهوم وانتفاء وجوب التصدق بالدرهم عند إعطاء غير زيد إيّاه ، والآية الشريفة من هذا القبيل بعينه ، فلا دلالة لها على المفهوم ، ولا أقل من الشك في أنّ مفادها هو المعنى الأوّل أو الثاني أو الثالث ، فتكون مجملة غير قابلة للاستدلال بها على حجّية خبر العادل.
فتحصّل : أنّ دلالة الآية الشريفة على المفهوم غير تامّة من ناحية المقتضي مع قطع النظر عن وجود المانع من عموم التعليل أو غيره ، على ما سنتكلّم فيه قريباً إن شاء الله تعالى.
وأمّا الايراد من ناحية وجود المانع عن دلالة الآية الشريفة على المفهوم فمن وجوه :
الوجه الأوّل : أنّ في الآية قرينة تدل على أنّه لا مفهوم للقضيّة الشرطية ،