ثمّ يلتفت إلى كونه ممّا لا ينبغي صدوره وأ نّه سفاهة.
وثانياً : أنّه على تقدير تسليم أنّ المراد من الجهالة عدم العلم لا السفاهة ، لايكون التعليل مانعاً عن المفهوم ، بل المفهوم ـ على تقدير دلالة القضيّة الشرطية عليه بنفسها ـ يكون حاكماً على عموم التعليل ، إذ خبر العادل حينئذ يكون علماً تعبدياً ، على ما ذكرناه مراراً من أنّ مفاد دليل حجّية الطرق والأمارات هو تتميم الكشف ، وجعل غير العلم علماً بالاعتبار (١) ، فيكون خبر العادل خارجاً عن عموم التعليل موضوعاً ، ويكون المفهوم حاكماً على عموم التعليل ، نظير حكومة الأمارات على الاصول العملية.
وبعبارة اخرى : الأدلة المتكفلة لبيان الأحكام لا تتكفل لاثبات الموضوع ، فانّ مفادها ثبوت الحكم على الموضوع المقدّر وجوده. وأمّا كون الموضوع موجوداً أو غير موجود فهو خارج عن مفادها ، وعليه فمفاد التعليل عدم حجّية كل خبر غير علمي. وأمّا كون خبر فلان علمياً أو غير علمي فهو خارج عن مفاده ، فيكون المفهوم الدال على كون خبر العادل علماً بالتعبد حاكماً على عموم التعليل ، فلا تنافي بينه وبين المفهوم كي يكون عموم التعليل قرينةً على عدم المفهوم للقضيّة الشرطية ، نعم لو لم يكن المفهوم حاكماً على التعليل وقع التنافي بينهما ، فأمكن الالتزام بأنّ عموم التعليل مانع عن ظهور القضيّة الشرطية في المفهوم ، كما إذا قيل : إن كان هذا رماناً فلا تأكله لأنّه حامض ، فانّ مقتضى عموم التعليل المنع عن أكل كل حامض ، ومقتضى مفهوم القضيّة الشرطية جواز الأكل إن لم يكن رماناً ، فيقع التنافي بينهما في حامض غير الرمان ، فيكون عموم التعليل مانعاً عن ظهور القضيّة الشرطية في المفهوم ، وهذا بخلاف الآية الشريفة ، فانّ المفهوم فيها حاكم على عموم التعليل على ما
__________________
(١) تقدّم في ص ١٢٠