«الفقّاع خمر استصغره الناس» (١) ، وكذا الرِّبا بين الوالد والولد ، فانّ الفقّاع ليس من أفراد الخمر بالوجدان فكيف يمكن التعبد بأ نّه خمر مع قطع النظر عن الأثر الشرعي ، وكذا الرِّبا بمعنى الزيادة موجود بين الوالد والولد بالوجدان ، فكيف يمكن التعبد بأ نّه لا ربا بينهما مع قطع النظر عن الأثر الشرعي ، فلا محالة يكون التعبد ناظراً إلى الأثر الشرعي الثابت للموضوع فيثبته لغيره كما في قوله عليهالسلام : «الفقّاع خمر» أو ينفيه عن بعض مصاديقه كما في قوله عليهالسلام : «لا رِبا بين الوالد والولد» (٢) غاية الأمر أنّ إثبات الأثر ونفيه إنّما هو بلسان نفي الموضوع وإثباته.
القسم الثاني من الحكومة : ما إذا كان الموضوع بنفسه قابلاً للتعبد بلا احتياج إلى لحاظ أثر شرعي فيتعبد بموضوع ولو لم يكن له أثر شرعي أصلاً كالعلم فانّه يصح أن يعتبر الشارع أمارةً غير علمية علماً وإن لم يكن للعلم أثر شرعي أصلاً ، فيترتب على الأمارة الآثار العقلية للعلم من التنجيز والتعذير ، والمقام من هذا القبيل فانّه بعد ما استفدنا من المفهوم عدم وجوب التبين عن خبر العادل يستكشف منه أنّ خبر العادل قد اعتبر علماً للملازمة بينهما ، فيكون خبر العادل خارجاً عن عموم التعليل موضوعاً بالتعبد ، وهو من الحكومة بهذا المعنى الثاني لا بمعنى أنّ خبر العادل قد اعتبر علماً بلحاظ أثره الشرعي وهو عدم وجوب التبين عنه فانّه ليس من آثار العلم بل لا معنى له ، إذ العلم هو نفس التبين فلا يعقل أن يكون عدم وجوب التبين من آثاره ، ومن هذا النوع من الحكومة حكومة الأمارات على الاصول العملية وحكومة قاعدة الفراغ والتجاوز على الاصول الجارية في الشبهات الموضوعية ، فلا مانع من كون المفهوم حاكماً على عموم التعليل مع قطع النظر عن لحاظ ترتب الأثر
__________________
(١) ، (٢) تقدّم استخراجهما في ص ١٩٣