ويظهر الجواب عن الاستدلال بهذه الآية ممّا ذكرناه في الجواب عن الاستدلال بالآية السابقة ، فانّ تعليق وجوب السؤال على عدم العلم ظاهر في أنّ الغرض منه حصول العلم لا التعبد بالجواب. هذا مضافاً إلى أنّ مورد هذه الآية أيضاً هي النبوّة ، والمأمورون بالسؤال هم عوام اليهود ، وخبر الواحد لا يكون حجّة في اصول الدين كما تقدّم. ولا ينافي ذلك ما في الأخبار من أنّ المراد بأهل الذكر هم الأئمة عليهمالسلام (١) لأنّ أهل الذكر عنوان عام يشمل الجميع ، ويختلف باختلاف الموارد ، ففي مقام إثبات النبوّة الخاصّة بما وصف الله نبيّه في الكتب السماوية ، يكون المراد من أهل الذكر علماء اليهود والنصارى ولا يصح أن يراد في هذا المقام الأئمة عليهمالسلام لأنّ الإمامة فرع النبوّة ، فكيف يمكن إثبات النبوّة بالسؤال عن الإمام الذي تثبت إمامته بنص من النبي صلىاللهعليهوآله نعم بعد إثبات النبوّة والإمامة يكون الأئمة عليهمالسلام أهل الذكر فلا بدّ من السؤال منهم فيما يتعلق بالأحكام الشرعية ، كما أنّ أهل الذكر في زمان الغيبة هم الرواة بالنسبة إلى الفقهاء ، والفقهاء بالنسبة إلى العوام ، والمعنى واحد في الجميع إنّما الاختلاف في المصاديق بحسب الموارد.
ومن جملة الآيات : آية الاذن ، وهي قوله تعالى : «وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ» (٢). وتقريب الاستدلال بها أنّ الله (سبحانه وتعالى) مدح نبيّه صلىاللهعليهوآله بتصديقه للمؤمنين ، ولو لم يكن تصديقهم أمراً حسناً لما مدحه به.
وفيه : أنّه لا ملازمة بين تصديق المخبر والعمل باخباره وترتيب الأثر
__________________
(١) راجع الوسائل ٢٧ : ٦٣ / أبواب صفات القاضي ب ٧ ح ٣ و ٤ وغيرهما
(٢) التوبة ٩ : ٦١