وفيه : أنّ الإيمان بمعنى التصديق القلبي ، فإن كان متعلقاً بوجود شيء تكون تعديته بالباء ، كما في قوله تعالى : «وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ» الآية (١) وإن كان متعلقاً بقول شخص كانت تعديته باللام كما في قوله سبحانه : «وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ» (٢) وحينئذ تدل التعدية باللام بالاضافة إلى المؤمنين على إرادة تصديق قولهم ، فلا شهادة للسياق على ما ذكر.
لا يقال : على هذا لا يناسب تعديته بالباء في الجملة الاولى ، لأنّ المصدّق به فيها إنّما هو قوله تعالى وإخباره عن نميمة عبدالله بن نفيل على ما تقدّم.
فانّه يقال : لما كانت لفظة «الله» علماً لذات الواجب المستجمع لجميع صفات الكمال ، فالتصديق بوجوده مستلزم للتصديق بقوله ، فجعل المصدّق به ذات الواجب إشارة إلى أنّ الإيمان بوجوده تعالى مستلزم للإيمان بقوله ، ولو كانت التعدية باللام كما في الجملة الثانية لم يستفد منها إلاّالتصديق بقوله فقط. وكيف كان فلا دلالة للآية على حجّية الخبر.
وممّا استدلّ به على حجّية الخبر : الروايات الكثيرة وقد رتّبها الشيخ قدسسره (٣) على طوائف أربع :
الطائفة الاولى : الأخبار العلاجية الدالة على أنّ حجّية الاخبار في نفسها كانت مفروغاً عنها عند الأئمة عليهمالسلام وأصحابهم ، وإنّما توقفوا عن العمل من جهة المعارضة ، فسألوا عن حكمها ، ومن الواضح أنّه ليس مورد الأخبار العلاجية الخبرين المقطوع صدورهما ، لأنّ المرجحات المذكورة فيها
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٨٥
(٢) يوسف ١٢ : ١٧
(٣) فرائد الاصول ١ : ١٨٥ ـ ١٩٢