العمل به من باب الاحتياط فانّه لا يجري الأصل على الأوّل ، ويجري على الثاني كما هو ظاهر. وعلى القول بعدم جريانه لا تظهر ثمرة بينهما إلاّفي صحّة الاسناد ووجوب الأخذ باللوازم على ما تقدّم.
أمّا المقام الثاني : فملخص الكلام فيه أنّه إذا ورد عام أو مطلق معلوم الصدور بالتواتر ، كعموم الكتاب والسنّة المتواترة ، أو بغيره كعموم الخبر المحفوف بالقرينة القطعية ، وكان في خبر الواحد خاص أو مقيد ، فعلى القول بحجّية الخبر يخصص العموم ويقيّد الاطلاق ، لأنّ الخبر حجّة على الفرض ، فيكون قرينة على المراد من العام أو المطلق ، ولذا ذكرنا في محلّه أنّ تخصيص الكتاب بخبر الواحد ممّا لا إشكال فيه (١). وأمّا على القول بوجوب العمل بالأخبار من باب الاحتياط للعلم الاجمالي بصدور بعضها ، فهل يتقدّم الخبر على العموم والاطلاق أيضاً لترتفع الثمرة بين القول بحجّية الخبر والقول بوجوب العمل به من باب الاحتياط من هذه الجهة أم لا؟
ظاهر كلام صاحب الكفاية قدسسره وصريح بعض المحققين قدسسرهم هو الثاني (٢) بدعوى أنّ العام أو المطلق حجّة في مدلوله ، ولا يرفع اليد عنهما إلاّ بحجّة أقوى ، والمفروض أنّ كل واحد من الأخبار غير ثابت الحجّية ، ومجرّد العلم الاجمالي بصدور بعضها لا أثر له.
هذا ، والتحقيق في المقام هو التفصيل بأن يقال : إن كان مفاد العام أو المطلق حكماً الزامياً ، ومفاد الخبر حكماً غير الزامي ، كقوله تعالى : «وَحَرَّمَ الرِّبا» (٣)
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٤٦٩
(٢) كفاية الاصول : ٣٠٥ ، ونهاية الدراية ٣ : ٢٦٢
(٣) البقرة ٢ : ٢٧٥