الاجمالي ، بدعوى الاجماع على ذلك ، فانّ الاحتياط وإن كان حسناً في نفسه إلاّ أنّه ليس كذلك فيما إذا استلزم انحصار الامتثال في أكثر الأحكام على الامتثال الاجمالي المنافي لقصد الوجه والجزم ، وتكون النتيجة على هذا التقرير هو الكشف ، إذ بعد فرض فعلية التكاليف وانسداد باب العلم والعلمي وعدم رضى الشارع بالامتثال الاجمالي ، يستكشف أنّ الشارع جعل لنا حجّةً وطريقاً إلى أحكامه ، فلا بدّ من السبر والتقسيم في تعيين ذلك الطريق ، فهل هو فتوى الفقيه أو القرعة أو غير ذلك ، والمفروض عدم حجّية كل ذلك ، فيستكشف أنّ الظن هو الطريق المنصوب من قبل الشارع.
وتوهّم عدم لزوم جعل الحجّة على الشارع لاحتمال إيكاله المكلف إلى ما يحكم به العقل ، فلا يتم القول بالكشف ، مدفوع بما ذكرناه من أنّ العقل شأنه الادراك فقط ، وليس له جعل الحجّية لشيء ، فعلى تقدير عدم جعل الشارع الظن حجّةً يحكم العقل بالتبعيض في الاحتياط على ما تقدّم ، والمفروض قيام الاجماع على أنّ الشارع لا يرضى بهذا النحو من الاحتياط ، وهو الاحتياط في أكثر الأحكام المنافي للجزم وقصد الوجه ، فلا مناص من الالتزام بأنّ الشارع جعل الظن حجّةً على فرض تمامية المقدّمات بهذا التقرير.
إذا عرفت معنى الكشف والحكومة وعرفت منشأ الاختلاف فيهما ، ظهر لك أنّ الصحيح على تقدير تمامية المقدّمات هو الحكومة لا الكشف ، إذ الكشف متوقف على قيام الاجماع على أنّ الشارع لا يرضى بالاحتياط ، وأنّى لنا باثبات هذا الاجماع ، وأين هذا الاجماع. وعلى تقدير عدم ثبوت هذا الاجماع يحكم العقل بالتبعيض في الاحتياط على ما تقدّم بيانه ، وقد ذكرنا أنّ هذا هو معنى الحكومة.
الجهة الثالثة : في أنّ نتيجة المقدّمات على تقدير تماميتها مطلقة أو مهملة.