ثمّ إنّ التكليف المعلوم بالتفصيل بضميمة موارد جريان الاصول المثبتة للتكليف إن كان بالمقدار المعلوم بالاجمال وانحلّ العلم الاجمالي ، فلا مانع من الرجوع إلى الاصول النافية للتكليف. وإن لم يكن كذلك بأن كان المعلوم بالاجمال أكثر من ذلك ، فعلى مسلك الشيخ قدسسره من تنجيز العلم الاجمالي مع الاضطرار إلى المخالفة في بعض الأطراف لابعينه (١) ، لايجوز الرجوع إلى الاصول النافية. وعلى مسلك صاحب الكفاية قدسسره من أنّ الاضطرار إلى بعض الأطراف لا بعينه موجب لسقوط العلم الاجمالي عن التنجيز (٢) فلا مانع من الرجوع إلى الاصول النافية إن كان التكليف المعلوم بالاجمال قليلاً ، وأمّا إن كان كثيراً بحيث لزم من الرجوع إلى الأصل النافي محذور الخروج عن الدين فلا يجوز الرجوع إلى الاصول النافية.
وأمّا الاحتياط التام في جميع الشبهات ، فإن كان غير ممكن ، فلا إشكال في عدم وجوبه ، لقبح التكليف بغير المقدور بضرورة العقل ، وإن كان مخلاً بالنظام فلا إشكال في قبحه عقلاً وعدم جوازه شرعاً ، إذ الشارع لا يرضى بهذا النحو من الاحتياط قطعاً ، بل قد ينتفي موضوعاً لأدائه إلى ترك جملة من الواجبات فلا يكون هناك احتياط. وأمّا إن كان موجباً للعسر والحرج ففي عدم وجوبه ـ لأدلّة نفي العسر والحرج ـ خلاف بين الأعلام ، فذهب شيخنا الأنصاري قدسسره (٣) إلى أنّ قاعدة نفي الحرج والضرر حاكمة على وجوب الاحتياط ، باعتبار أنّ مفاد الأدلة نفي الحكم الذي ينشأ من قبله الحرج أو الضرر ، ووجوب الاحتياط ـ وهو الجمع بين المحتملات ـ وإن كان عقلياً إلاّ أنّه ناشئ
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٢٥
(٢) كفاية الاصول : ٣٦٠
(٣) فرائد الاصول ١ : ٢٤١