ثلاثة أقسام منها ، ويقع الكلام فعلاً في القسم الرابع والخامس منها ، وحيث إنّ الاصوليين أدرجوا الخامس في الرابع وتعرّضوا للبحث عنهما في عرض واحد ، فنحن نتبعهم في ذلك مراعاةً للاختصار.
الأمر الثاني : أنّ الاصول العملية التي هي المرجع عند الشك منحصرة في أربعة : وهي البراءة والاحتياط ـ وقد يسمّى بأصالة الاشتغال أو قاعدة الاشتغال ـ والاستصحاب والتخيير. وهذا الحصر استقرائي بلحاظ نفس الاصول وعقلي بلحاظ الموارد.
أمّا الأوّل : فلأ نّه يمكن بحسب التصور أن يجعل أصل آخر غير الاصول الأربعة في بعض صور الشك ، كما إذا قال المولى : إذا شككت بين الوجوب والاباحة فابن على الاستحباب. أو إذا دار الأمر بين الحرمة والاباحة فابن على الكراهة مثلاً ، إلاّأنّ الاستقراء أثبت انحصار الاصول في الأربعة.
وأمّا الثاني : فلأنّ الشك إمّا أن تعلم له حالة سابقة وقد اعتبرها الشارع أو لا ، بأن لا تعلم له حالة سابقة أو علمت ولم يعتبرها الشارع ، كما إذا كان الشك في بقاء شي ناشئاً من الشك في المقتضي ، على القول بالتفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع في جريان الاستصحاب ، وكذا على غيره من التفصيلات المذكورة في بحث الاستصحاب. والأوّل ـ أي الشك الذي علمت له حالة سابقة واعتبرها الشارع ـ مجرىً للاستصحاب ، سواء كان الشك في التكليف أو في المكلف به ، وأمكن الاحتياط أم لم يمكن. والثاني ـ أي الشك الذي لم يعتبر الشارع حالته السابقة ، سواء كانت له حالة سابقة معلومة ولم يعتبرها الشارع أو لم تكن ـ فإن كان الشك في أصل التكليف كان مجرى للبراءة ، وإن كان الشك في المكلف به مع العلم بأصل التكليف ، فإن أمكن الاحتياط فهو مجرى لقاعدة الاشتغال ، كما في موارد دوران الأمر بين القصر والتمام ، وإن لم يمكن