الاحتياط كما في دوران الأمر بين المحذورين ، فهو مورد لقاعدة التخيير ، هذا كلّه في الحكم التكليفي. وكذا الحال عند الشك في الحكم الوضعي ، فيجري فيه جميع ما ذكرناه في الحكم التكليفي بناءً على كون الحكم الوضعي أيضاً مجعولاً مستقلاً كما هو الصحيح ـ على ما سنتكلّم فيه في بحث الاستصحاب (١) إن شاء الله تعالى ـ وإن كان بعض أقسامه منتزعاً من التكليف كالشرطية والجزئية للمأمور به.
وبالجملة : لا فرق بين الحكم التكليفي والوضعي من حيث تقسيم الشك فيه إلى الأقسام الأربعة ، وجريان الأصل العملي فيه.
ثمّ إنّ عدم ذكر أصالة الطهارة عند الشك في النجاسة في علم الاصول إنّما هو لعدم وقوع الخلاف فيها فانّها من الاصول الثابتة بلا خلاف فيها ، ولذا لم يتعرّضوا للبحث عنها في علم الاصول ، لا لكونها خارجة من علم الاصول وداخلة في علم الفقه على ما توهّم.
وخلاصة القول : أنّ أصالة الطهارة عند الشك في النجاسة بمنزلة أصالة الحل عند الشك في الحرمة ، فكما أنّ البحث عن الثانية داخل في علم الاصول باعتبار ترتب تعيين الوظيفة الفعلية عليه ، كذلك البحث عن الاولى أيضاً داخل في علم الاصول لعين الملاك المذكور ، غاية الأمر أنّ مفاد أصالة الحل هو الحكم التكليفي ، ومفاد أصالة الطهارة هو الحكم الوضعي ، ومجرّد ذلك لايوجب الفرق بينهما من حيث كون البحث عن إحداهما داخلاً وعن الاخرى خارجاً عنه.
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من أنّ الوجه لعدم التعرّض
__________________
(١) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ٩٢ وما بعدها