وإن اريد أنّهما ليستا من الأحكام بل من قبيل الخواص والآثار ، كخواص الأدوية التي لا يعرفها إلاّالأطباء ، فالطهارة والنجاسة أيضاً من هذا القبيل ، ولا يعرفهما إلاّالشارع العالم بجميع الأشياء وخواصّها.
ففيه أوّلاً : أنّه خلاف ظواهر الأدلة ، فانّ الظاهر منها أنّهما حكمان مجعولان كسائر الأحكام الوضعية والتكليفية ، وأنّ الشارع قد حكم بهما بما أنّه شارع لا أنّه أخبر بهما بما أنّه من أهل الخبرة وأ نّه العارف بخواصّ الأشياء ، ولعل هذا واضح.
وثانياً : أنّه لو سلّمنا كونهما من قبيل الخواص والآثار وقد أخبر بهما الشارع ، لا نسلّم كون الشك فيهما من الشبهة المصداقية ، لأنّ الميزان في كون الشبهة مصداقية أن يكون المرجع فيها هو العرف لا الشارع ، كما أنّ الأمر في الشبهة الحكمية بعكس ذلك ، إذ المرجع الوحيد في الشبهة الحكمية هو الشارع ولا إشكال في أنّ المرجع عند الشك في نجاسة شيء وطهارته ـ كالعصير العنبي بعد الغليان ، وكعرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلاّل ونحوها ـ هو الشارع ليس إلاّ ، فكونهما من قبيل الخواص والآثار لا يجعل الشك فيهما من الشبهة المصداقية بعد الاعتراف بأنّ بيانهما من وظائف الشارع ولا يعلمهما إلاّ هو.
فتحصّل : أنّ البحث عن أصالة الطهارة من المسائل الاصولية ، والوجه في عدم التعرّض له في علم الاصول هو ما ذكرناه من كونها من الامور المسلّمة التي لا نزاع فيها ولا خلاف.
الأمر الثالث : أنّ شيخنا الأنصاري قدسسره (١) جعل الشك في التكليف
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٥٦ و ٣٥٧