الأخباريين والاصوليين ، ولم يقع فيها خلاف ليحتاج إلى الاثبات والاستدلال ، إلاّ أنّا نتعرّض للبحث عن الكبرى والاستدلال عليها بالآيات والروايات وحكم العقل ، تبعاً لشيخنا الأنصاري قدسسره (١) وحرصاً على ما فيه من الفائدة ، والتعرّض لفقه الأحاديث الشريفة.
إذا عرفت هذه الامور فاعلم أنّه قد استدلّ على البراءة مع الشك في التكليف بامور :
منها : قوله تعالى : «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً» (٢) وتقريب الاستدلال به : أنّ بعث الرسول كناية عن بيان الأحكام للأنام وإتمام الحجّة عليهم ، كما هو ظاهر بحسب الارتكاز والفهم العرفي ، فتدلّ الآية الشريفة على نفي العقاب بمخالفة التكليف غير الواصل إلى المكلف.
واورد على الاستدلال بهذه الآية الكريمة بوجهين :
الأوّل : أنّ المراد من الآية هو الاخبار عن عدم وقوع العذاب على الامم السابقة إلاّبعد البيان ، بقرينة التعبير بلفظ الماضي في قوله تعالى : «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ» فيكون المراد هو الاخبار عن عدم وقوع العذاب الدنيوي فيما مضى من الامم السابقة إلاّبعد البيان ، فلا دلالة لها على نفي العذاب الاخروي عند عدم تمامية البيان.
الثاني : أنّ المنفي في الآية فعلية العقاب لا استحقاقه ، ونفي الفعلية لا يدل على نفي الاستحقاق ، مع أنّ محل الكلام بيننا وبين الأخباريين هو الثاني.
أمّا الايراد الأوّل فيدفعه أوّلاً : أنّ نفي العذاب الدنيوي عند عدم تمامية
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٥٧
(٢) الإسراء ١٧ : ١٥