الحديث كون طروء هذه العناوين موجباً لارتفاع الحكم الثابت للشيء في نفسه ، فلا يشمل الحكم الثابت لنفس هذه العناوين ، إذ ما يكون موجباً لثبوت حكم لا يعقل أن يكون موجباً لارتفاعه. ولعل هذا واضح.
الأمر الخامس : أنّه يعتبر في شمول حديث الرفع أمران :
الأوّل : أن يكون الحكم مترتباً على فعل المكلف بما هو فعل المكلف ، فلا يرفع به مثل النجاسة المترتبة على عنوان الملاقاة ، فإذا لاقى جسم طاهر بدن الانسان المتنجس اضطراراً أو إكراهاً ، لايمكن الحكم بارتفاع تنجس هذا الجسم الملاقي لحديث الرفع ، لأنّ تنجس الملاقي لم يترتب على الملاقاة بما هو فعل المكلف ، بل هو مترتب على نفس الملاقاة وإن فرض تحققها بلا استناد إلى المكلف. فلا وجه لما أفاده المحقق النائيني قدسسره من أنّ ذلك خارج عن حديث الرفع بالاجماع (١). وكذا لا يرفع بحديث الرفع وجوب قضاء الفائت من المكلف اضطراراً أو إكراهاً ، لأنّ وجوب القضاء مترتب على عنوان الفوت بما هو فوت ، لا بما هو فعل للمكلف ، ولذا يجب القضاء فيما إذا لم يكن الفوت مستنداً إلى المكلف أصلاً.
الثاني : أن يكون في رفعه منّة على الامّة ، فلا يرتفع به ضمان الاتلاف المتحقق بالاضطرار أو الاكراه ، لأنّ رفعه خلاف الامتنان بالنسبة إلى المالك وإن كان فيه منّة على المتلف ، وكذا لا يرفع به صحّة بيع المضطر ، فانّ رفعها خلاف الامتنان.
الأمر السادس : لا خفاء في أنّ البراءة العقلية تختص بموارد الشك في التكاليف الالزامية ، ولا تجري في موارد الشك في التكاليف غير الالزامية ، لأنّ
__________________
(١) [لم نعثر عليه في مظانه]