ملاكها قبح العقاب بلا بيان ، والتكليف غير الالزامي ممّا لا عقاب في مخالفة مقطوعه ، فكيف بمشكوكه.
وأمّا البراءة الشرعية ففي اختصاصها بموارد الشك في التكاليف الالزامية خلاف بينهم. والتحقيق أن يفصّل بين موارد الشك في التكاليف الاستقلالية ، وموارد الشك في التكاليف الضمنية ، ويلتزم بجريانها في الثانية دون الاولى ، والوجه في ذلك : أنّ المراد من الرفع في الحديث الشريف هو الرفع في مرحلة الظاهر عند الجهل بالواقع ، ومن لوازم رفع الحكم في مرحلة الظاهر عدم وجوب الاحتياط ، لتضاد الأحكام ولو في مرحلة الظاهر على ما تقدّم بيانه (١). وهذا المعنى غير متحقق في موارد الشك في التكاليف الاستقلالية ، إذ لو شككنا في استحباب شيء لا إشكال في استحباب الاحتياط ، فانكشف أنّ التكليف المحتمل غير مرفوع في مرحلة الظاهر ، فلا يكون مشمولاً لحديث الرفع. وأمّا التكاليف الضمنية فالأمر بالاحتياط عند الشك فيها وإن كان ثابتاً ، فيستحب الاحتياط باتيان ما يحتمل كونه جزءاً لمستحب ، إلاّأنّ اشتراط هذا المستحب به مجهول ، فلا مانع من الرجوع إلى حديث الرفع ، والحكم بعدم الاشتراط في مقام الظاهر.
وبعبارة اخرى : الوجوب التكليفي وإن لم يكن محتملاً في المقام ، إلاّأنّ الوجوب الشرطي ـ المترتب عليه عدم جواز الاتيان بالفاقد للشرط بداعي الأمر ـ مشكوك فيه ، فصحّ رفعه ظاهراً بحديث الرفع.
وممّا استدلّ به على البراءة قوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٢).
__________________
(١) في ص ٣٠٠
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٦٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٣٣ (في الطبعة القديمة ح ٢٨)