بالظهور وبيان تلك الأحكام ، فحيث لم يأمره بالبيان لحكمة لا يعلمها إلاّهو ، صحّ إسناد الحجب إليه تعالى. هذا في الشبهات الحكمية. وكذا الحال في الشبهات الموضوعية ، فانّ الله تعالى قادر على إعطاء مقدّمات العلم الوجداني لعباده ، فمع عدم الاعطاء صحّ إسناد الحجب إليه تعالى ، فصحّ الاستدلال بهذا الحديث على البراءة في الشبهات الحكمية والموضوعية كحديث الرفع.
وممّا استدلّ به على البراءة روايات الحل ، وهي أربع على ما تفحّصناه عاجلاً :
الاولى : موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : «سمعته يقول : كل شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك ، قد اشتريته ولعلّه سرقة ، أو المملوك يكون عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهراً ، أو امرأة تحتك ولعلّها اختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتّى تستبين أو تقوم به البيّنة» (١).
الثانية : رواية عبدالله بن سليمان ، قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن ـ إلى أن قال ـ سأخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه من قبل نفسك» (٢).
الثالثة : رواية معاوية بن عمار (٣) ، وهي متحدة مع الرواية الثانية من حيث المضمون ، بل من حيث الألفاظ إلاّاليسير ، فراجع الجوامع. ويحتمل أن تكونا رواية واحدة ، فانّ عبدالله بن سليمان رواها عن أبي جعفر عليهالسلام ومعاوية
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤ (باختلاف يسير)
(٢) الوسائل ٢٥ : ١١٧ / أبواب الأطعمة المباحة ب ٦١ ح ١ (باختلاف يسير)
(٣) المصدر السابق ح ٧