الاباحة الظاهرية لا الواقعية. وعليه فلا مناص من أن يكون المراد من الورود هو الوصول ، لأنّ صدور الحكم بالحرمة واقعاً لا يكون رافعاً للاباحة الظاهرية ما لم تصل إلى المكلف ، كما هو ظاهر ، فنفس كلمة «مطلق» في قوله عليهالسلام : «كل شيء مطلق» قرينة على أنّ المراد من الورود هو الوصول.
وأمّا المحقق النائيني قدسسره (١) فذكر أنّ مفاد هذه الرواية هو اللاّحرجية العقلية الأصلية قبل ورود الشرع والشريعة ، فهي أجنبية عن محل الكلام وهو إثبات الاباحة الظاهرية لما شكّ في حرمته بعد ورود الشرع وقد حكم فيه بحرمة أشياء وحلية غيرها.
هذا ، وفيه من البعد ما لا يخفى ، لأنّ بيان الاطلاق الثابت عقلاً قبل ورود الشرع لغو لا يصدر من الإمام عليهالسلام ، إذ لا تترتب عليه ثمرة وفائدة فلا يمكن حمل الرواية عليه ، مضافاً إلى أنّ ظاهر الكلام الصادر من الشارع أو ممّن هو بمنزلته كالإمام عليهالسلام المتصدي لبيان الأحكام الشرعية هو بيان الحكم الشرعي المولوي لا الحكم العقلي الارشادي.
فتحصّل : أنّ الصحيح ما ذكره الشيخ قدسسره من دلالة الرواية على البراءة ، وإطلاقها يشمل الشبهات الحكمية والموضوعية ، باعتبار أنّ مفادها الحكم بحلية الشيء المشكوك في حرمته ، سواء كان منشأ الشك عدم تمامية البيان من قبل المولى كما في الشبهات الحكمية ، أو الامور الخارجية كما في الشبهات الموضوعية.
الثالث من الوجوه التي استدلّ بها على البراءة : هو الاجماع ، وتقريبه بوجوه ثلاثة :
__________________
(١) اجود التقريرات ٣. ٣١٧. فوائد الاصول ٣. ٣٦٣