الأوّل : دعوى اتفاق الاصوليين والأخباريين على قبح العقاب على مخالفة التكليف غير الواصل إلى المكلف بنفسه ولا بطريقه.
وفيه أوّلاً : أنّ هذا الاتفاق وإن كان ثابتاً ، إلاّ أنّه على أمر عقلي لا على أمر شرعي فرعي كي يكون إجماعاً تعبدياً كاشفاً عن رأي المعصوم عليهالسلام.
وثانياً : أنّ هذا الاتفاق إنّما هو على الكبرى ، ولا تترتب عليه ثمرة مع عدم ثبوت الصغرى ، ولا اتفاق عليها ، فانّ الأخباريين يدّعون عدم تحققها وأنّ الأحكام المجهولة واصلة إلى المكلفين بطريقها ، إمّا مطلقاً كما ادّعاه المحدِّث الاسترابادي (١) ، وإمّا في خصوص الشبهة التحريمية كما عليه المشهور منهم ، للروايات الدالة على الاحتياط والتوقف على ما سيجيء التعرّض لها (٢) إن شاء الله تعالى.
الثاني : دعوى الاتفاق على أنّ الحكم الشرعي المجعول في موارد الجهل بالأحكام الواقعية وعدم وصولها بنفسها ولا بطريقها هو الاباحة والترخيص.
وفيه : ما ذكرناه في سابقه ثانياً من أنّ الاتفاق على الكبرى لا يفيد مع عدم إحراز الصغرى ، ولا اتفاق عليها على ما سيجيء وتقدّمت الاشارة إليه.
الثالث : دعوى الاتفاق على أنّ الحكم الظاهري المجعول في موارد الجهل بالأحكام الواقعية وعدم وصولها بنفسها هو الاباحة والترخيص ، وهذا الاتفاق لو ثبت لأفاد ، ولكنّه غير ثابت ، كيف وقد ذهب الأخباريون وهم الأجلاء من العلماء إلى أنّ الحكم الظاهري هو وجوب الاحتياط.
الرابع من الوجوه التي استدلّ بها على البراءة : هو حكم العقل بقبح العقاب
__________________
(١) الفوائد المدنية : ١٣٨
(٢) في ص ٣٤٥ وما بعدها