وقد تقدّم (١) الجواب عن هذا التقريب مفصّلاً ولا حاجة إلى الاعادة.
تنبيهات :
التنبيه الأوّل :
أنّ موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان ، كما أنّ موضوع البراءة الشرعية هو الشك وعدم العلم ، وعليه فكل ما يكون بياناً ورافعاً للشك ولو تعبداً ، يتقدّم عليهما بالورود أو الحكومة ، من غير فرق بين أن تكون الشبهة موضوعية كما لو علم بخمرية مائع ثمّ شكّ في انقلابه خلاً ، فانّ استصحاب الخمرية يرفع موضوع أصالة البراءة عن حرمة شربه ، أو تكون حكمية كما إذا شكّ في جواز وطء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال ، فانّ استصحاب الحرمة السابقة على تقدير جريانه يمنع عن التمسّك بأصالة البراءة. وعبّر الشيخ قدسسره (٢) عن هذا الأصل بالأصل الموضوعي ، باعتبار أنّه رافع لموضوع الأصل الآخر ، ولم يرد منه خصوص الأصل الجاري في الموضوع كما توهّم.
ثمّ إنّ الشيخ قدسسره (٣) رتّب على ما أفاده جريان أصالة عدم التذكية ، فيما إذا شكّ في حلية لحم وحرمته من جهة الشك في قابلية الحيوان للتذكية وعدمها ، وأورد على نفسه بأنّ أصالة عدم التذكية معارضة بأصالة عدم الموت حتف الأنف ، فأجاب عنه بأنّ الموت حتف الأنف عبارة اخرى عن عدم التذكية ولا مغايرة بينهما.
__________________
(١) في ص ٣٢٨ وما بعدها
(٢) ، (٣) فرائد الاصول ١ : ٤٠١ و ٤٠٩ ـ ٤١٠