الوجود لا بشيء آخر ، فكذا لا فرق في المقام بين قولنا : المأخوذ في الموضوع هو القطع بالقيام مثلاً ، وقولنا : المأخوذ في الموضوع هو القيام المقطوع به ، أي الصورة الذهنية للقيام ووجوده العلمي ، إذ لا فرق بين العلم بالقيام والقيام الموجود بالوجود العلمي إلاّبمجرد العبارة.
وإن كان مراده من أخذ القطع صفةً للمقطوع به هو أخذه صفةً للمعلوم بالعرض ـ أي الموجود الخارجي ـ بأن يقال : المأخوذ في الموضوع هو القيام المتحقق في الخارج المنكشف للمكلف القاطع ، فهذا ليس إلاّلحاظ القطع طريقاً وكاشفاً ، فأخذ القطع في الموضوع صفة للمقطوع به ـ بهذا المعنى ـ عبارة اخرى عن أخذه في الموضوع بنحو الطريقية ، فالجمع بين أخذه بنحو الصفتية وكونه صفةً للمقطوع به جمع بين المتنافيين.
ثمّ إنّ المراد من القطع الموضوعي هو القطع المأخوذ في موضوع الحكم واقعاً ، بأن كان له دخل في ترتب الحكم ، كالعلم المأخوذ في ركعات صلاة المغرب والصبح والركعتين الاوليين من الصلوات الرباعية ، على ما يستفاد من الروايات ، ولذا لو شكّ بين الواحدة والاثنتين في صلاة الصبح مثلاً فأتمّ الصلاة رجاءً ثمّ انكشف أنّه أتى بالركعتين كانت صلاته فاسدة ، لكون العلم بهما حال الصلاة مأخوذاً في الحكم بصحّتها ، فالمراد من القطع الموضوعي ما كان له دخل في ترتب الحكم واقعاً ، لا القطع المأخوذ في لسان الدليل فقط ، إذ ربّما يؤخذ القطع في لسان الدليل مع القرينة على عدم دخله في الحكم ، وأنّ أخذه في لسان الدليل إنّما هو لكونه طريقاً إلى الواقع ، بل أظهر أفراد الطرق إليه ، فهو مع كونه مأخوذاً في لسان الدليل ليس من القطع الموضوعي في شيء. وأمثلته كثيرة منها : قوله تعالى «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ» (١) فانّ
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٧