فإن وجد عموم يدل على قابلية كل حيوان للتذكية إلاّما خرج فيرجع إليه بلا حاجة إلى استصحاب العدم الأزلي. وإنّما احتجنا إلى هذا الاستصحاب في الفرض المتقدِّم ، لأنّ الشبهة فيه كانت موضوعية ، ولا يمكن الرجوع فيها إلى العموم إلاّبعد إحراز الموضوع بالاستصحاب ونحوه.
وإن لم يوجد عموم يدل على ذلك ، فإن قلنا بأنّ التذكية أمر بسيط ، فالأصل عدم تحققها ، وإلاّ فيرجع إلى أصالة الحل. هذا كلّه فيما إذا لم يكن الشك في القابلية ناشئاً من احتمال طروء المانع. وأمّا إن كان مستنداً إلى ذلك ، كما لو شككنا في انّ الجلل الحاصل مانع عن التذكية أم لا ، فيرجع إلى أصالة عدم تحقق المانع.
الصورة الثالثة : أن يكون الشك في الحلية ناشئاً من الشك في اعتبار شيء في التذكية وعدمه ، كما إذا شككنا في اعتبار كون الذبح بالحديد مثلاً وعدمه ، والمرجع فيها أصالة عدم تحقق التذكية ، للشك في تحققها. ودعوى الرجوع إلى إطلاق دليل التذكية لنفي اعتبار الأمر المشكوك فيه غير مسموعة ، إذ ليست التذكية أمراً عرفياً كي ينزّل الدليل عليه ويدفع احتمال التقييد بالاطلاق ، كما كان الأمر كذلك في مثل قوله تعالى : «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (١) ولعل هذا واضح.
إنّما الكلام في أنّ المترتب على أصالة عدم التذكية خصوص حرمة الأكل وعدم جواز الصلاة فيه أو النجاسة أيضاً.
والتحقيق : هو الأوّل ، لأنّ حرمة أكل اللحم مترتب على عدم التذكية بمقتضى قوله تعالى : «إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ» (٢) وهكذا عدم جواز الصلاة ، بخلاف النجاسة
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥
(٢) المائدة ٥ : ٣