المحبوبية واحتمال أمر المولى من أحسن أنحاء الاضافة ، والحاكم بذلك هو العقل والعرف ، بل هو أعلى وأرقى من امتثال الأمر الجزمي ، إذ ربّما يكون الانبعاث إليه لأجل الخوف من العقاب ، وهو غير محتمل في فرض عدم وصول الأمر والاتيان بالعمل برجاء المطلوبية. هذا مضافاً إلى أنّ اعتبار الجزم على تقدير التسليم مختص بصورة التمكّن كما ذكر في محلّه.
بقي في المقام أمران :
الأوّل : أنّ أوامر الاحتياط هل هي كالأمر بالاطاعة إرشادية إلى ما استقلّ به العقل ، فلا يترتب عليها سوى ما كان العقل مستقلاًّ به من حسن الانقياد واستيفاء الواقع ، أو أنّها مولوية ، فيكون الاحتياط مستحباً كبقية المستحبات ، فتكون إعادة الصلاة التي شكّ في صحّتها مستحباً شرعياً وإن كانت محكومة بالصحّة لقاعدة الفراغ ونحوها.
الثاني : أنّه بناءً على كونها مولوية فهل هي في طول الأوامر الواقعية ، فيلزم قصد الأمر الواقعي في مقام الاحتياط ، أو أنّها في عرضها ، فيجوز قصد امتثال نفس تلك الأوامر ، كما هو الحال فيما إذا نذر الاتيان بواجب أو مستحب ، فانّه يجزي قصد الأمر النذري ، ولو كان الناذر حين الاتيان بالعمل غافلاً عن الأمر الوجوبي أو الندبي. وبعبارة اخرى : أوامر الاحتياط هل هي متعلقة بذات العمل حتّى يصحّ الاتيان به بداعي الأمر الاحتياطي ، أو أنّها متعلقة بالعمل المأتي به بداعي الأمر الواقعي رجاءً.
أمّا الأمر الأوّل : فذكر المحقق النائيني قدسسره (١) أنّ سياق الأخبار الواردة في الاحتياط يقتضي كونها مؤكّدةً لحكم العقل في مرحلة امتثال الأحكام
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، فوائد الاصول ٣ : ٣٩٨ ـ ٣٩٩