الموضوع لوجوب الامساك هو نفس طلوع الفجر لا علم المكلف به.
ثمّ إنّه لا إشكال في قيام الأمارات والطرق مقام القطع الطريقي بنفس أدلة اعتبارها وحجّيتها ، فتترتب عليها الآثار المترتبة عليه من التنجيز عند المطابقة والتعذير عند المخالفة ، كما أنّه لا ريب في عدم قيامها مقام القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية بنفس أدلة حجّيتها ، إذ غاية ما تدل عليه أدلة حجّيتها هو إلغاء احتمال الخلاف وترتيب آثار الواقع على مؤدّاها ، والقطع وإن كانت حقيقته الانكشاف ، إلاّأنّ المفروض أخذه في الموضوع بنحو الصفتية ، وعدم ملاحظة جهة كشفه ، فيكون المأخوذ في الموضوع صفة خاصّة نفسانية ، كبقية الصفات النفسانية من الشجاعة والعدالة ونحوهما ، ومن البديهي أنّ أدلة الحجّية وإلغاء احتمال الخلاف في الأمارات والطرق لا تدل على تنزيلها منزلة الصفات النفسانية.
وأمّا قيام الأمارات مقام القطع المأخوذ في الموضوع بنحو الطريقية ، فقد اختلفت كلماتهم فيه.
فذهب شيخنا الأنصاري قدسسره إلى قيامها مقامه (١) ، وتبعه المحقق النائيني قدسسره (٢).
واختار صاحب الكفاية قدسسره عدم القيام (٣) ، وملخص ما ذكره في وجهه بتوضيح منّا : أنّ التنزيل يستدعي لحاظ المنزّل والمنزّل عليه. ولحاظ الأمارة والقطع في تنزيل الأمارة منزلة القطع الطريقي آلي ، إذ الأثر مترتب على
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٥٣
(٢) أجود التقريرات ٣ : ١٩ ، فوائد الاصول ٣ : ٢١
(٣) كفاية الاصول : ٢٦٣ و ٢٦٤