المقام الثاني : فيما إذا كان أحد الحكمين أو كلاهما تعبدياً مع وحدة الواقعة ، كما إذا دار الأمر بين وجوب الصلاة على المرأة وحرمتها عليها ، لاحتمالها الطهر والحيض مع عدم إحراز أحدهما ولو بالاستصحاب ، بناءً على حرمة الصلاة على الحائض ذاتاً ، بمعنى أن يكون نفس العمل حراماً عليها ولو مع عدم قصد القربة وانتسابه إلى المولى ، ففي مثل ذلك يمكن المخالفة القطعية باتيان العمل بغير قصد القربة ، فانّه على تقدير كونها حائضاً فأتت بالمحرّم ، وعلى تقدير عدم كونها حائضاً فقد تركت الواجب ، ولأجل ذلك كان العلم الاجمالي منجّزاً وإن لم تجب الموافقة القطعية لتعذّرها.
توضيح ذلك : أنّ العلم الاجمالي على أربعة أقسام :
القسم الأوّل : ما يمكن فيه الموافقة القطعية والمخالفة القطعية ، وهو الغالب ، كما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، فانّه يمكن الموافقة القطعية بالجمع بين الاتيان بالأوّل وترك الثاني ، ويمكن أيضاً المخالفة القطعية بترك الأوّل والاتيان بالثاني.
القسم الثاني : ما لا يمكن فيه الموافقة القطعية ولا المخالفة القطعية ، كموارد دوران الأمر بين المحذورين فيما لم يكن شيء من الحكمين المحتملين تعبدياً ، وقد تقدّم حكمه في المقام الأوّل.
القسم الثالث : ما يمكن فيه المخالفة القطعية دون الموافقة القطعية ، كالمثال المتقدِّم في حقّ المرأة المرددة بين الطهر والحيض ، وكما لو علم إجمالاً بوجوب أحد الضدّين اللذين لهما ثالث في زمان واحد ، فانّه يمكن المخالفة القطعية بتركهما معاً ، ولا يمكن الموافقة القطعية لعدم إمكان الجمع بين الضدّين في آنٍ واحد.
القسم الرابع : عكس الثالث بأن يمكن فيه الموافقة القطعية دون المخالفة