الشك في المكلّف به
إعلم أنّ التكليف المعلوم بالاجمال تارةً يتردّد بين المتباينين واخرى بين الأقل والأكثر ، فلا مناص من البحث في موردين :
المورد الأوّل : في دوران الأمر بين المتباينين ، وقبل الشروع في تحقيق الحال في هذا المورد ، لا بدّ من ذكر مقدّمة ، وهي أنّ احتمال التكليف الالزامي بنفسه مساوق لاحتمال العقاب على مخالفته ، ومعه كان العقل مستقلاً بلزوم التحرز عنه وتحصيل المؤمّن ، وهذا هو الملاك في حكم العقل بلزوم الاطاعة ، حتّى في موارد العلم التفصيلي بالتكليف ، أو قيام الحجّة عليه ، فانّ مخالفة التكليف الواصل إلى المكلف ـ بالعلم الوجداني أو بقيام الحجّة المعتبرة ـ لاتستلزم القطع بالعقاب عليها ، لاحتمال العفو منه سبحانه وتعالى ، والشفاعة من النبي والأئمة عليهمالسلام وإنّما المتحقق هو احتمال العقاب على المخالفة وهو كافٍ في حكم العقل بالتنجيز ، فلا فرق بين موارد التكاليف المعلومة والتكاليف المحتملة في أنّ حكم العقل بلزوم الاطاعة ناشئ من احتمال العقاب ، ففي كل مورد يحتمل فيه التكليف الالزامي يستقل العقل بلزوم التحرز عن المخالفة ، إلاّأن يثبت فيه مؤمّن من العقاب عقلاً ، كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، أو شرعاً كالأدلة الشرعية الدالة على البراءة من حديث الرفع ونحوه ، وأمّا إذا لم يثبت المؤمّن عقلاً ولا شرعاً ،