إلى الصلاة الماضية ، ويجري استصحاب الحدث بالنسبة إلى الصلاة الآتية ، مع أنّه يعلم إجمالاً بعدم مطابقة أحد الأصلين التنزيليين للواقع ، وليس ذلك إلاّ من جهة أنّه لا يترتب على جريان الأصلين إلاّالمخالفة الالتزامية ، وهي غير مانعة عن جريانهما.
هذا فيما إذا كانت الاصول مثبتة للتكليف على خلاف المعلوم بالاجمال. وأمّا إن كانت نافية له ، كما إذا علمنا بطروء النجاسة على أحد المائعين المعلوم طهارتهما سابقاً ، فعدم جريان الاستصحاب فيهما معاً إنّما هو للمانع المتقدم من استلزامه الترخيص في المعصية ، وبذلك ظهر أنّ أدلة الاصول لو فرض شمولها لأطراف العلم الاجمالي لزم تخصيصها عقلاً بغير ما استلزم الترخيص في المعصية.
المقام الثاني : في إمكان جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف وعدمه.
والمعروف بينهم إمكان ذلك في نفسه ، وأ نّه لا مانع منه بحسب مقام الثبوت.
ولذا قالوا إنّ العلم الاجمالي ليس علّةً تامّةً لوجوب الموافقة القطعية.
وذهب صاحب الكفاية وبعض الأساطين من تلامذته إلى استحالة ذلك وذكرا في وجه ذلك أمرين :
الأوّل : ما أفاده صاحب الكفاية قدسسره (١) وملخّصه ـ بعد دعوى الملازمة بين جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف وجعله في جميع الأطراف إمكاناً وامتناعاً ـ أنّه لا فرق بين العلم الاجمالي والتفصيلي في انكشاف الواقع بهما ، إنّما الفرق بينهما من ناحية المعلوم لا من ناحية العلم والانكشاف ، فإن كان الحكم المعلوم بالاجمال فعلياً من جميع الجهات امتنع جعل الحكم الظاهري على خلافه في تمام الأطراف أو في بعضها ، ضرورة استحالة الترخيص ولو
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٥٨ ، راجع أيضاً الأمر السابع في مبحث القطع ص ٢٧٢ و ٢٧٣