إنّما هو عين الشك في التكليف.
فتحصل من جميع ما ذكرناه في المقام : أنّه لا مانع من جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف بحسب مقام الثبوت.
المقام الثالث : في البحث عن شمول دليل الحكم الظاهري لجميع الأطراف وعدمه. وليعلم أنّ الحكم الظاهري قد يكون مستفاداً من الأمارة ، وقد يكون مستفاداً من الأصل التنزيلي أو الأصل غير التنزيلي. أمّا الأمارات فقد عرفت (١) استحالة جعل الحجّية لها في جميع الأطراف ، بلا فرق بين أن يكون مؤدّى الأمارات حكماً إلزامياً ، والمعلوم بالاجمال حكماً غير إلزامي ، وبين أن يكون عكس ذلك.
وأمّا الأصل فاختار شيخنا الأنصاري قدسسره (٢) عدم شمول دليله للمقام ، لاستلزامه التناقض بين الصدر والذيل ، باعتبار أنّ مقتضى إطلاق الصدر في مثل قوله عليهالسلام : «كل شيء هو لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» (٣) ، هو جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي ، إذ كل واحد من الأطراف بخصوصه مشكوك فيه مع قطع النظر عن الآخر ، ومقتضى إطلاق العلم في ذيله الذي جعل غايةً للحكم الظاهري هو عدم جريان الأصل ، فتلزم المناقضة بين الصدر والذيل. وكذا الحال في دليل الاستصحاب ، فانّ الشك المأخوذ في صدره يعم الشك البدوي والمقرون بالعلم الاجمالي ، واليقين المجعول في ذيله ناقضاً يشمل العلم التفصيلي والاجمالي ، ومن الظاهر أنّ الحكم بحرمة النقض في جميع الأطراف يناقض الحكم بالنقض في بعضها.
__________________
(١) في ص ٤٠٥ ـ ٤٠٦
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٤٠٤ و ٤٠٥ ، ٧٤٤ ـ ٧٤٥
(٣) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤ (باختلاف يسير)