نجاسة في أحد الاناءين ، وكان أحدهما المعيّن متيقن النجاسة سابقاً إمّا وجداناً أو تعبداً لقيام أمارة أو أصل محرز ، فكان مجرى لاستصحاب النجاسة ، فيجري الأصل النافي في الطرف الآخر بلا معارض. وكذا لو كان بعض الأطراف طرفاً لعلم إجمالي سابق قد تنجّز فيه التكليف بذلك العلم ، فيجري الأصل النافي في الطرف الآخر من العلم الاجمالي الثاني بلا معارض.
ثمّ إنّ هذا الذي ذكرناه لا إشكال فيه فيما إذا كان حدوث العلم الاجمالي متأخراً عن طروء هذه الامور وعن العلم بها ، أو كان مقارناً له ، وإنّما الكلام فيما إذا علم بطروء أحد هذه الامور بعد تحقق العلم الاجمالي ، فهل يوجب ذلك سقوطه عن التأثير في تنجّز التكليف ليجري الأصل النافي في بعض الأطراف أم لا؟ وبعبارة اخرى : إذا كان العلم الاجمالي حين حدوثه مقارناً لأحد الامور المتقدمة فلا يكون مؤثراً في التنجيز من أوّل الأمر. وأمّا إذا فرض تأثيره في زمان وحكم بتساقط الاصول في أطرافه ، ثمّ طرأ شيء من هذه الامور ، فهل يوجب ذلك سقوطه عن التأثير بقاءً أم لا؟ قولان : الأظهر هو السقوط (١) لأنّ العلم الاجمالي لا يزيد على العلم التفصيلي ولا
__________________
(١) والذي يخطر بالبال القاصر هو أنّ الأظهر عدم السقوط ، لأنّ الاصول في أطراف العلم الاجمالي الموجب للتنجز الساقط باقية بحالها على الفرض ، وسيصرّح سيّدنا الاستاذ (دام ظلّه) به في الصفحة ٤٢٦ ، وبعد بقاء العلم الاجمالي بحاله لو خرج بعض الأطراف عن محل الابتلاء مثلاً لا يكون الشك في الطرف الآخر شكّاً حادثاً ليرجع فيه إلى الأصل ، بل الشك فيه هو الشك الموجود أوّلاً وقد سقط الأصل فيه للمعارضة فكيف يعود بعد سقوطه. وظهر بما ذكرناه عدم انطباق ما استدلّ به (دام ظلّه) ـ من أنّ العلم الاجمالي ... إلى قوله : سقط عن التنجز ـ على المقام فانّ العلم الاجمالي باقٍ بحاله ولم يتبدّل على الفرض باعترافه (دام ظلّه) ، نعم الاستدلال المذكور إنّما يتمّ فيما إذا تبدّل العلم الاجمالي بما ذكر ، ولكنّه خلاف الفرض ، وقد تعرّض (دام ظلّه) للتبدّل في آخر الصفحة الآتية وسيأتي اعترافه بما ذكرنا في التنبيه الثامن الصفحة ٤٤٣