دليل الأصل له.
ولا فرق فيما ذكرناه بين زوال العلم الاجمالي بالوجدان كالمثال المتقدم وبين زواله بالتعبد ، كما إذا قامت الأمارة على حرمة أحد المائعين بخصوصه من أوّل الأمر ، أو كان ذلك مقتضى الأصل التنزيلي كالاستصحاب ، بل الأمر كذلك في الأصل غير التنزيلي أيضاً ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد الاناءين الأبيض أو الأحمر ، ثمّ علمنا بعد ذلك بنجاسة الأبيض ، أو إناء آخر من أوّل الأمر ، بأن يكون المنكشف سابقاً ولو كان الكشف متأخراً ، فالعلم الاجمالي الأوّل ينحل بالعلم الاجمالي الثاني ، إذ بعد العلم الثاني لا يبقى لنا علم بحدوث نجاسة بين الأبيض والأحمر ، فيحتمل أن يكون الأبيض هو النجس من أوّل الأمر ، وقد فرضنا العلم بنجاسته أو بنجاسة الآخر ، فلا يبقى إلاّالشك في حدوث نجاسة جديدة في الاناء الأحمر ، غير ما هو المتيقن بين الأبيض والاناء الآخر ، فيكون المرجع في الاناء الأحمر أصالة الطهارة بلا معارض.
التنبيه الخامس
لو كان الأثر في بعض أطراف العلم الاجمالي أكثر من البعض الآخر ، فقد يكون بينهما قدر مشترك ، وقد لا يكون.
أمّا القسم الثاني : فلا إشكال في تنجيز العلم الاجمالي فيه ، فيجب ترتيب الآثار المتباينة بأجمعها ، كما إذا علم بوجوب قراءة سورة يس أو سورة التوحيد في ليلة الجمعة مثلاً بنذر ونحوه ، فانّ سورة يس وإن كانت أكثر من سورة التوحيد ، إلاّ أنّه لمّا لم يكن بينهما قدر مشترك ليكون هو المتيقن ، كان العلم الاجمالي منجّزاً بالنسبة إلى السورتين.