المقام الأوّل : فيما إذا كان الاضطرار إلى أحدهما المعيّن ، كما في مثال العلم الاجمالي بنجاسة الماء أو الحليب مع الاضطرار إلى شرب الماء.
المقام الثاني : فيما إذا كان الاضطرار إلى أحدهما لا على التعيين ، كما في مثال العلم الاجمالي بنجاسة أحد الماءين مع الاضطرار إلى شرب أحدهما لا بعينه.
أمّا المقام الأوّل : فهو يتصوّر بصور ثلاث :
الصورة الاولى : أن يكون الاضطرار حادثاً بعد التكليف وبعد العلم به.
الصورة الثانية : أن يكون الاضطرار حادثاً بعد التكليف وقبل العلم به ، كما إذا كان أحد الماءين نجساً في الواقع ، ولكنّه لم يكن عالماً به فاضطرّ إلى شرب أحدهما ثمّ علم بأنّ أحدهما كان نجساً قبل الاضطرار.
الصورة الثالثة : أن يكون الاضطرار حادثاً قبل التكليف وقبل العلم به.
أمّا الصورة الاولى : فاختلفت كلماتهم فيها ، فاختار شيخنا الأنصاري (١) قدسسره عدم انحلال العلم الاجمالي ، بدعوى أنّ التكليف قد تنجز بالعلم الاجمالي قبل عروض الاضطرار ولا رافع له في الطرف غير المضطر إليه.
وذهب صاحب الكفاية قدسسره في متن الكفاية (٢) إلى الانحلال وعدم التنجيز ، بدعوى أنّ تنجيز التكليف يدور مدار المنجّز حدوثاً وبقاءً ، والمنجّز هو العلم الاجمالي بالتكليف ، وبعد الاضطرار إلى أحد الطرفين لا يبقى علم بالتكليف في الطرف الآخر بالوجدان ، كما هو الحال في العلم التفصيلي بعد زواله بالشك الساري ، فانّ التنجيز يسقط بزواله ، فالعلم الاجمالي لا يكون أقوى في التنجيز من العلم التفصيلي.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٢٥
(٢) كفاية الاصول : ٣٦٠