نجاسته ، وكذا إذا علمنا إجمالاً بنجاسة الماءين ثمّ طرأ الشك الساري في نجاسة أحدهما واحتملنا طهارة كليهما. وهذا بخلاف المقام ، فانّ العلم الاجمالي باقٍ بحاله ، إنّما المرتفع بالاضطرار هو المعلوم لا العلم به ، فانّ التكليف المعلوم بالاجمال على تقدير ثبوته في الطرف المضطر إليه قد ارتفع بالاضطرار ، والعلم المتعلق به إجمالاً باقٍ على حاله ، كما هو الحال في صورة خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء أو فقدانه أو الاتيان به ، فانّ العلم الاجمالي باقٍ على حاله في جميع هذه الصور ، غاية الأمر أنّ المعلوم بالاجمال وهو التكليف محتمل الارتفاع ، لأجل الخروج عن محل الابتلاء ، أو لأجل الفقدان أو لأجل الاتيان والامتثال ، فيجب الاجتناب عن الطرف الآخر لبقاء العلم الاجمالي وتنجّز التكليف به.
ولولا ما ذكرناه من بقاء العلم الاجمالي في جميع الصور المذكورة لتمّ النقض المذكور في كلامه. ولا يجدي الجواب عنه بأنّ الاضطرار من حدود التكليف ، دون الفقدان والخروج من محل الابتلاء ونحوهما ، بل التكليف في الأمثلة المذكورة منتفٍ بانتفاء موضوعه ، وذلك لما ذكرناه في الواجب المشروط (١) من أنّ فعلية الحكم تدور مدار وجود الموضوع بما له من القيود والخصوصيات ، فكما أنّ وجود نفس الموضوع دخيل في الحكم ، كذا كل واحد من القيود الماخوذة فيه دخيل في الحكم ، وبانتفاء كل واحد من القيود ينتفي الحكم بانتفاء موضوعه ، فلا فرق بين انتفاء ذات الموضوع كما في الفقدان أو الخروج عن محل الابتلاء ، وبين انتفاء قيده وهو عدم الاضطرار كما في محل الكلام. هذا كلّه حكم الصورة الاولى ، وهي ما إذا كان الاضطرار بعد التكليف وبعد العلم به ومقابلها بتمام المقابلة هي :
الصورة الأخيرة : وهي ما إذا كان الاضطرار فيه قبل التكليف وقبل العلم
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ١٦٧ ، راجع أيضاً بحث الشرط المتأخر ص ١٣٣