به ، كما إذا اضطرّ إلى شرب أحد الماءين مثلاً ، ثمّ علم بوقوع النجاسة في أحدهما بعد الاضطرار. ولا ينبغي الاشكال في عدم التنجيز في هذه الصورة ، إذ لا علم بالتكليف فيها ، لاحتمال وقوع النجاسة في الطرف المضطر إليه ، وحيث إنّ المفروض كون الاضطرار قبل وقوع النجاسة ، فوقوعها في الطرف المضطر إليه لا يوجب حدوث التكليف ، ووقوعها في الطرف الآخر مجرد احتمال لا مانع من الرجوع فيه إلى الأصل. ويلحق بهذه الصورة صورة تقارن الاضطرار والعلم بالتكليف فيجري فيه الكلام السابق من عدم التنجيز بلا فرق بينهما.
بقي الكلام في الصورة المتوسطة : وهي أن يكون الاضطرار بعد التكليف وقبل العلم به كما إذا اضطرّ إلى شرب أحد الماءين مثلاً ، ثمّ علم بأنّ أحدهما كان نجساً قبل الاضطرار ، فهل الاعتبار بسبق التكليف على الاضطرار ، فيحكم بالتنجيز ، أو على العلم الحادث بعد الاضطرار ، فيحكم بعدمه لكون الاضطرار قبل العلم بالتكليف على الفرض؟ الصحيح هو الثاني ، لأنّ المانع من جريان الأصل هو العلم الاجمالي بالتكليف لا التكليف بواقعيته ولو لم يعلم به المكلف أصلاً ، فهو حين الاضطرار إمّا قاطع بعدم التكليف فلا يحتاج إلى إجراء الأصل بل لا يمكن. وإمّا شاك فيه فلا مانع من جريانه في الطرفين ، لعدم المعارضة ، لعدم العلم بالتكليف على الفرض ، والعلم الاجمالي الحادث بعد الاضطرار ممّا لا أثر له ، لاحتمال وقوع النجاسة في الطرف المضطر إليه ، ولا يوجب حدوث التكليف فيه لكون الاضطرار رافعاً له.
وبالجملة : التكليف في الطرف المضطر إليه ممّا نقطع بعدمه ، لأنّ الأمر دائر بين كون التكليف منفياً فيه من أوّل الأمر وبين سقوطه بالاضطرار. وأمّا الطرف الآخر ، فالتكليف فيه وإن كان محتملاً ، إلاّ أنّه لا مانع فيه من الرجوع إلى الأصل ، إذ لا معارض له ، لأنّه لا يجري في الطرف المضطر إليه ، لعدم الأثر