الأطراف إلى البراءة أو إلى الاطلاق أيضاً؟
الظاهر هو الأوّل لما ذكرناه في مباحث الألفاظ (١) من عدم جواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية ، ولا سيّما في موارد التخصيصات اللبية التي هي من قبيل القرائن المتصلة الموجبة لعدم انعقاد الظهور من أوّل الأمر إلاّفي الأفراد الباقية. والمقام كذلك ، فان إطلاقات الأدلة الأوّلية الدالة على التكليف ليس لها ظهور في أوّل الأمر إلاّفي المقدور من جهة القرينة القطعية العقلية.
وكذا ليس لها ظهور إلاّفي موارد الابتلاء بناءً على اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف ، وحيث إنّه لا يمكن الرجوع في الطرف المشكوك في كونه تحت القدرة أو في كونه المبتلى به إلى الاطلاقات ، لما ذكرناه من عدم جواز الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية ، لايمكن الرجوع فيه إلى أدلة البراءة أيضاً ، لأن كل مورد لا يكون قابلاً لوضع التكليف فيه لا يكون قابلاً للرفع أيضاً ، فإذا احتملنا عدم القدرة أو عدم الابتلاء في بعض الأطراف لا يمكننا الرجوع إلى أدلة البراءة ، لكون الشبهة مصداقية ، وحينئذ لا مانع من الرجوع إلى البراءة في الطرف الآخر ، وهو الطرف المحرز كونه تحت القدرة ومحلاًّ للابتلاء ، لعدم المعارضة بين الأصل في الطرفين.
وعلى ما ذكرناه من الرجوع إلى البراءة في الطرف المقدور عند الشك في خروج بعض الأطراف عن تحت القدرة تقل الثمرة بيننا وبين القائل باعتبار الدخول في محل الابتلاء في تنجّز العلم الاجمالي ، فانّ غالب الموارد التي ذكرها للخروج عن محل الابتلاء تكون من موارد الشك في القدرة ، فلا يكون العلم
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٣٤٣ وما بعدها