التنبيه الثاني عشر
في حكم ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة. وقبل التكلم فيه لا بدّ من بيان أمرين :
الأوّل : أنّ الكلام إنّما هو فيما إذا كانت الملاقاة مختصّة ببعض الأطراف ، إذ لو فرضنا أنّ شيئاً واحداً لاقى جميع الأطراف فهو معلوم النجاسة تفصيلاً وخارج عن محل الكلام. وكذا لو فرضنا شيئين لاقى أحدهما طرفاً من العلم الاجمالي والآخر لاقى الطرف الآخر ، فلا إشكال في وجوب الاجتناب عن كلا الملاقيين ، كوجوب الاجتناب عن نفس الطرفين ، لتوليد علم إجمالي آخر بنجاسة أحد الملاقيين زائداً على العلم الاجمالي الأوّل المتعلق بنفس الطرفين ، فهذا الفرض أيضاً خارج عن محل الكلام.
الثاني : أنّ تنجيز العلم الاجمالي متوقف على تساقط الاصول كما تقدّم مراراً (١) ، والتساقط إنّما يكون مع العلم بالتكليف الفعلي ، سواء كان العلم متعلقاً بالتكليف الفعلي ابتداءً ، كما في الشبهات الحكمية كما إذا علم بوجوب صلاة الجمعة أو الظهر يوم الجمعة ، أو كان متعلقاً بالموضوع التام للحكم كما في الشبهات الموضوعية كما إذا علم بخمرية أحد المائعين مثلاً. وأمّا إذا لم يعلم إلاّ الموضوع الناقص أي جزء الموضوع ، فلا مانع من جريان الأصل والحكم بعدم تحقق الموضوع التام ، كما إذا علم بكون أحد الجسدين ميت إنسان ، والآخر جسد حيوان مذكى مأكول اللحم ، فانّ هذا العلم الاجمالي وإن كان يقتضي
__________________
(١) راجع على سبيل المثال ص ٤٠٤