ولو كان الأكثر واجباً فوجوب الأقل غيري ، وأمّا وجوب الأكثر فهو مشكوك فيه فيجري فيه الأصل. وتمامية هذا الوجه يتوقف على إثبات أمرين : الأوّل :
اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، وإلاّ لم يصحّ القول بأن وجوب الأقل متيقن مردد بين النفسي والغيري ، إذ على تقدير عدم اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، لايكون هناك إلاّوجوب نفسي شك في تعلّقه بالأقل أو الأكثر ، فلا علم بوجوب الأقل على كل تقدير. الثاني : كون العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري موجباً لانحلال العلم الاجمالي بالوجوب النفسي المردّد تعلّقه بالأقل أو الأكثر ، إذ على تقدير عدم انحلال العلم الاجمالي لا يكون وجوب الأكثر مورداً لجريان البراءة.
أمّا الأمر الأوّل : أي اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، فهو لم يثبت بل الثابت خلافه ، لما بيّناه في بحث وجوب المقدّمة (١) من استحالة اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، لأنّ الوجوب الغيري ناشئ عن توقف وجود على وجود آخر ، وليس وجود المركب غير وجود الأجزاء كي يتوقف عليه توقف وجود الشيء على وجود غيره ، فيترشح من وجوب المتوقف نفسياً وجوب المتوقف عليه غيرياً ، بل وجود المركب عين وجود الأجزاء ، ولا فرق بينهما إلاّبمجرد الاعتبار واللحاظ ، فانّ الأجزاء إذا لوحظت بشرط الشيء أي بشرط الانضمام فهي المركب ، وإذا لوحظت لا بشرط فهي الأجزاء.
وأمّا الأمر الثاني : أي كون العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري موجباً لانحلال العلم الاجمالي بالوجوب النفسي ، فقد يقال فيه بعدم الانحلال ، بدعوى أنّه يعتبر في الانحلال أن يكون المعلوم بالتفصيل من سنخ المعلوم
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ١١٧ ـ ١١٩